د. خيرية السقاف
«يزيد أبونيان» الإرهابي الصغير،..
نموذج حي ككل النماذج التي سبق القبض عليها، والإعلان الرسمي عن دورها في الإرهاب الداخلي..
هو في الثالثة والعشرين فكم من الزمن استغرق التأثير فيه، وجلبه إلى وكر الإرهاب..؟!
إذا ما تذكّرنا أنّ في هذا العمر تتشكّل، وتتمكن القيم الفكرية، وتظهر نتائج القناعة بها في السلوك بحماس هذا العمر، وخصائصه المرحلية..؟؟
لذا يُستدرج من هم في عمره، فيصبحوا عجينة طرية يشكِّلها ما شاء من استطاع أن يتسلل لباطن عقولهم، وميولهم، فيضع فيها الفكرة، وشعلة الدافع لتنفيذها..
وهذا ما نجم عنه سقوط كل من سقط في وخيم ما فعل يزيد، ورفيقه..، ومن سبق ومن سوف يظهر..
إنّ هؤلاء الأحداث، وأولئك في مقتبل الشباب من يُتوقع أنهم طلبة في مراحل الثانوية، والجامعة في مجرى الواقع...
إذن «فوزارة التعليم» عليها أن تضع في برامجها أنشطة تعويضية تشغل بها وقتهم، وفكرهم، وتستميلهم إلى أي نشاط يمكن أن يؤسس، ويوطد فيهم قيم السلام، والحق، وضوابط النفس، ومسؤولية الفرد عن نفسه، وغيره..، بل تطعم محتويات مقرراتهم المعرفية، والعلمية حقائق هذا الوجه المظلم في الحياة.. ليكون لديهم الضابط دون الانزلاق في براثنه..، وهو ربط منطقي بالواقع وما يعاصره الناس من الأحداث.. وهو دور مؤسسات التعليم في جميع أنحاء العالم، وإلاّ ما تكوّنت مشاعر الاعتداد بالذات الوطنية لدى أفراد شعوب لا ترى على الأرض أفضل منها..!!
نعم هذا دور ومسؤولية المؤسسات التعليمية بكل مراحلها..
فليست مهمة التعليم تلقين المعلومة، بل نسجها، وحياكتها، ومن ثم جعلها رداءً للنفس والعقل، والقلب.
فمؤسسات التعليم تضطلع بمهام جليلة تبدأ بأين..، ومن..، وماذا..، وكيف..،!!
أين الطالب في فصله، وساحة مدرسته أو جامعته، ومكتبتها، وجماعة رفقائه..؟، وكيف هو حال ما تلقاه، ووعاه وما استقر فيه..؟،
وأين اتجاهه، وتفريغه لمكتسباته..، ؟
بل وقته داخل المؤسسة كيف يمضيه، ومع من..؟ وخارجها ما الذي ينبغي أن يفعله فيه..؟،
وحين تنتهي المؤسسة التعليمية بنتيجة عطائها داخلها، والتفاعل معه خارجها، تكون قد شغلت الفرد فيما أكسبته من الخبرات، والمهارات، وزوّدته من الأفكار، وبنته من القيم ليكون على خط سير لا يحيد فيه عما رسخ فيه، وتشكلت به أنسجته الفكرية، ومشاعره الوجدانية...!
كذلك يتم ويوطد هذا الدور للمؤسسة التعليمية الآباءُ الرعاةُ خارجها، ومؤسسات المجتمع الأخرى ذات العلاقة بأنشطته وثقافته وإعلامه، فلا يتركون الشباب، والفتيان في مهب ريح تواصل مجهول، وغياب مع صحب مغمورين، وغياب عن البيت دون مجهر انتباه، وعين تحدب، وترى..، ويقظة وعي بما يفعلون..
فاقتربوا منهم يا معلمون، ويا أساتذة جامعات، ويا آباء، وأمهات..، ويا مثقفون ومثقفات..
ليكونوا همكم الأول..، وثمرتكم في الأخير..
ليكونوا لكم الثمرة والقرة،...
بدل أن يضيع منهم من يضيع، فإما السخط عليهم، ومنهم، أو الخزي والتحرر من أفعالهم.
وهم كانوا بين أيديكم..!!