محمد سليمان العنقري
القرارات الأخيرة التي أصدرها صندوق التنمية العقاري يمكن وصفها بأنها تدخل ضمن الحلول العملية لمعالجة ملف الإسكان وتسريع رفع نسب التملك التي مازالت بمستويات منخفضة قد لا تتعدى 40 بالمئة وفق العديد من الإحصاءات مما يتطلب التعامل مع الملف من مختلف الجوانب التي تسهم بحلول ناجعة له ضمن وقت قياسي وهو ما بدأ يظهر جلياً بالقرارات الأخيرة.
فقد سبق لوزارة الإسكان قبل أسابيع أن دعت المطورين ممن يملكون مشروعات سكنية جاهزة أو في مراحل التطوير أو ينوون تطويرها أن يتقدموا للوزارة كي يتم عرضها على المؤهلين ضمن برنامج الدعم السكني الذي أطلق قبل أكثر من عام وهي خطوة جيدة توفر وحدات سكنية بوقت قصير نسبياً إلا أن القرارات السبعة التي أعلنت من الصندوق قبل أيام قليلة والذي تعود مرجعيته لوزارة الإسكان تعتبر مهمة لأنها دخلت بتفاصيل تسهم بحلول متنوعة أمام المسجلين بالصندوق.
فقد سمح الصندوق بأن يتشارك مجموعة ممن صدر لهم موافقة على القرض بأن يبنوا على أرض واحدة ويتم بعدها تثبيت ملكياتهم بصكوك منفصلة وكذلك سمح بالبناء على وحدة سكنية تم تقديم قرض عليها سابقاً أي إضافة مبنى فوق القائم على أن يسجل لأحد أبناء مالك المبنى وسمح أيضاً بالشراء المبكر لمن يتوقع صدور الموافقة على قرضه خلال الثلاث سنوات القادمة وكذلك الشراء على الخريطة وفق ضمانات محددة وتم رفع عمر الوحدة السكنية التي يسمح بشرائها من خلال قرض الصندوق إلى 25 سنة وأيضاً سمح بالتنازل عن القرض لأقارب من الدرجة الأولى وكل هذه الإجراءات تعد حلولاً نوعية جيدة إلا أن إقرار القروض الاستثمارية بحجم 30 مليون ريال للمطور و15 مليون للأفراد ممن ينشئون مباني سكنية سواء فللاً أو أبراجاً يعد نقلة مهمة ستسهم بزيادة العروض والمنتجات بوتيرة سريعة وتعد خطوة مهمة في طريق الشراكة مع القطاع الخاص لأن جزء من هذه المشروعات سيخصص لمن تصدر لهم موافقات القرض من الصندوق وبذلك ستتوفر وحدات وفق مواصفات جيدة وستتيسر عمليات التمويل للمطورين وسيضمن بيع جزء من المشروع، والأهم أن عدد هذه الفئات من المطورين تعد الأكبر بالسوق ويمثل ذلك دعماً لهم حتى تكون لديهم القدرة على المنافسة وسيسمح ذلك بتحريك عدد كبير من الأراضي بمساحات صغيرة قياساً بالملكيات الكبيرة مما يشكل عامل ضغط مؤثراً بالسوق سيسهم بتحويل نسب كبيرة من الأراضي البيضاء لتكون مطورة ومبنية بمنتجات متنوعة خصوصاً أن القرار حدد بمرحلته الأولى أن تكون القروض بالمدن الكبيرة التي تعاني من أزمة تملك للسكن
إلا أن ما يفترض أن يتم بالمرحلة الحالية هو هيكلة الصندوق ليكون قادراً على مواكبة هذه التطورات وذلك من خلال الإسراع بتنفيذ ما ورد بالخطة الإستراتيجية للإسكان بتحويله لبنك عقاري وأن يعاد هيكلة الإدارات فيه لتكون هناك إدارة مختصة لكل منتج لدى الصندوق باليات عمل أكثر تطوراً ومواكبة للإجراءات الجديدة فلم نسمع عن أي هيكلة بالصندوق إلى الآن توضح مواكبته لاحتياجات السوق ويتم خلالها فصل إداراته بطرق حديثة على غرار ماهو موجود بالبنوك التجارية على الأقل كما أن طريقة وضع مدة زمنية لمن تصدر موافقة على القرض تحتاج إلى تعديل فعام واحد لا يكفي ولابد من وضع آلية مختلفة تساعد المقترض لا أن تضغطه بفترة قصيرة حتى وإن كان له حق بتاجيله فإن عام واحد يعد قصير جداً يتطلب إعادة النظر به خصوصاً أن هذا الشرط خضع لتغيرات عديدة في الأربع سنوات الماضية مما يعني أن تعديلاته السابقة لم تكن مبنية على رؤية إستراتيجية بعيدة ومستقرة فمن مدة عامين سماح إلى مدة مفتوحة ثم حالياً عام واحد كل هذه التغييرات حدثت منذ عام 2011م لذلك نأمل من معالي وزير الإسكان المكلف النظر بهذا الشرط ووضع معيار ثابت يراعي وضع المقترض وعدم تشكيل ضغوط على السوق العقاري أيضاً.
وبما أن الحديث على الحلول العملية للإسكان تتطلب الأخذ بعين الاعتبار كل الجوانب التي تلعب دوراً إيجابيا بالسوق العقاري وتخفض التكلفة وتزيد المعروض فإن على وزارة الإسكان أن تسهم مع وزارة الشئون البلدية والقروية بمعالجة طول مدة الموافقة على اعتماد مشروعات تطوير الأراضي والتي تأخذ من عامين إلى أربعة بالمتوسط وتحويل آليات التطوير إلى أساليب تقنية حديثة تساهم بإسراع إقرار الموافقات وحفظ المعاملات دون أن يكون للعنصر البشري تأثير كبير عليها لأن الأصل بإقرار رسوم الأراضي هو لزيادة المعروض من قطع الأراضي فإن بقاء مدد تطوير المشروعات على ماهو عليه الآن لن يوصل الأرض للمستهلك بالسرعة المطلوبة بالإضافة إلى باقي إجراءات تراخيص البناء وغيرها من العوامل السلبية التي أخرت كثيراً زيادة المعروض السكني.
القرارات الأخيرة من الصندوق ومن وزارة الإسكان تستحق الإشادة وواضح أنها تصب في جانب تسريع حلول مشكلة السكن لكنها تحتاج أيضاً إلى رؤية إستراتيجية ويضاف لها عوامل أخرى لها أهمية كبيرة تسهم بتحويل العقار لصناعة وتجعل من مشكلة تملك السكن ماضياً بل تحول القطاع إلى قائد حقيقي بالتنمية وجذب الاستثمارات وفتح فرص العمل وتعزيز دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة.