د. خيرية السقاف
يتفاوت الموت في وقعه، وأثره في النفوس الفاقدة..
بعض الناس حين يموتون كأنهم العبء ينزاح عن الصدور.., أولئك المعتدون, الجبابرة, الظالمون... يطهر الموت بهم الأرض..
وبعض الناس حين يموتون يكون الموت بهم فخراً, واعتزازاً, وقوة، ومنعة للحزن.., أولئك الشهداء في سبيل الله, والأوطان, وأمن المجتمعات..
وهناك موت قاصم للظهر حين يفقد صغارٌ آباءهم..,
وتترمّل زوجات بفقْد رفاقهن.., وتثكل أمهات بغياب فلذاتهن..!
موت المعركة كفاح, وموت المرض اصطبار، وموت الغرق فجيعة، وموت الحد تطهير..!
في صدور البشر قلوب تنبض غير أن النبض تختلف وتيرته، وانفعالاته،..
وتختلف حرارته، وعنفوانه, وتختلف دقاته, وأعدادها..!
حتى ملمس الحس فيه, وشعور الإحساس به, وفيه, يختلف باختلاف نوع الموت سبباً, وأثراً...
في الحقبة الراهنة كثُر الموت بين البشر في شتى اتجاهات الأرض..,
وتفاوتت أسبابه، وآثاره..
واختلفت صفاته، وأحجام أعبائه, وآثار الإحساس به، ومدى التفاعل معه..
لكنه في كل الحالات محرضٌ للدمع، كما هو محرض للحزن, كما هو محرض للرضا, كما هو محرض للغضب..!
إلا الموت الطبيعي بلا فاتك، ولا طاعن, ولا حارق، ولا قاطع، ولا مدمر، لا قصداً، ولا غيلةً..!!
فإنه الموت الجالب لاستذكار الفؤاد بالآجال..
حين يأتي هذا الموت، تركن النفوس لبارئها..,
تبكي بحزن قلوب في الصدور..,
تخضع عقول للقدر فيما حل..,
يكون رحمة حين ترضى..,
وحين تحنُّ بفقدها تأوي لمحراب التعبد..,
والحمد.., والاسترجاع.., وطلب الصبر..,
والتحامل على الفراغ بعد الوداع..!
عجيب هو الموت بداياته مؤلمة، ونهاياته مفرحة..
بداياته نهايات.., ونهاياته بدايات بكل أسبابه، وآثاره, ونتائجه, وحصاده..!!
فاللهم أحسنه خاتمة، واجعله سويا، وبداية للطريق إلى جناتك..