أدرك - سلفاً - أن العبء كبير فأنت الآن مسؤول: بالتعليم العام عن حوالي ستة ملايين طالب وطالبة، وما يزيد على نصف مليون معلم ومعلمة، وفي التعليم العالي عن حوالي 30 جامعة حكومية وجامعات أهلية، وحوالي 250 ألف مبتعث... إلخ.. أعانك الله.
لكن أنت أهلٌ - بحول الله - لتحمُّل المسؤولية والنهوض بها.
د. عزام: أدرك أهمية رصد البلايين للوزارة وأهمية المباني المدرسية وتدريب المعلمين وابتعاثهم... إلخ.. ولكن الأهم في نظري أمور هي بتقديري السبب الرئيس في ضعف المخرجات.
ولعل ما سأطرحه بهذا المقال يعضد ويتناغم مع قراراتك الأخيرة بشأن الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات لإعلاء وتجويد العملية التربوية.
السبب الأول.. والرئيس
في ضعف المخرجات
لقد درسنا بالسابق نحن وأنت في مدارس ذات مبانٍ بسيطة متواضعة جداً، وإمكانات محدودة، ودرّسنا معلمون أفاضل وكثيرون منهم مؤهلاتهم عادية، بل أكثرهم يحمل شهادة معاهد المعلمين أو كلياتها، وبعضهم الثانوية لكن كانت المخرجات قوية جداً لا تقارن بمخرجات التعليم اليوم، حيث إن بعض الطلاب اليوم يحصل على الثانوية، وهو لا يعرف الفرق بين «الكليجا وبلجيكا»..!.
إن السبب في ضعف مخرجات اليوم وقوة مخرجات الأمس رغم فارق الإمكانات يعود لسببين مهمين جداً، وما لم تتم معالجتهما والقضاء على أسبابهما، فسيبقى ضعف التعليم، وبالتالي ضعف المخرجات:
* إن السبب الأول: هو المساواة بين الطالب الجاد والطالب المهمل، حيث أصبحوا ضامنين للنجاح بسبب دعوى التخفيف والتيسير على الطلاب وتطبيق تنظيرات تربوية حديثة إن صلحت لغيرنا فليس بالضرورة أن تصلح لنا... ولهذا أصبح الكثير من الطلاب مهملين وغير جادين، لأنهم ضامنون النجاح بأيديهم، فلماذا إذن يجدّون ولا يهملون، ويلعبون ولا يذاكرون بل أصبحنا لفرط شفقتنا عليهم غيَّرنا اسم الامتحانات حتى لا ترعبهم، وأطلقنا عليها اسم الاختبارات ((اسم الله عليهم)).
معالي الوزير: ما لم يتم التمييز بين الطالب الجاد الذي يستحق النجاح، والطالب المهمل الذي لا يستحق النجاح وإعطاء الاختبارات أهميتها تنظيماً وأسئلة مركزية ودقة بالتصحيح، وباختصار: إذا لم تعد الجدية والهيبة للاختبارات فستظل المخرجات على ((طمام المرحوم)).
وتذكر - معالي الوزير - كيف كنا نكدّ ونشقى ونسهر أيام الاختبارات، وكيف كنا ننتظر ونترقب على جمر الغضا نتائج الاختبارات، لأننا تعبنا ونعرف الجدية بالتعليم وتقنين الدرجات ودقة التصحيح.
السبب الثاني فقدان هيبة المعلم والمعلمة
د. عزام: إن المعلم الذي لا يحترمه بل يهابه طلابه كيف سيصغون له، بل كيف سيتلقى الطلاب التعليم منه.. لقد أصبح المعلم والمعلمة يخافان من الطلاب والطالبات ومن آبائهم وأمهاتهم ومن يتبعونهم بغير إحسان.. لذا أصبح المعلم لا يعبأ بهم بالفصل، ويخشى لو أعطى الطالب ورقة وسقطت من يديه، يخشى أن يعاقب «ويا الله السلامة»، لذا يلقي الدرس عليهم سواء فهموا أو لم يفهموا، فلا يناقشهم أو يسألهم لأنه لو قال لتلميذ «أف» لقام عليه الطالب وأبوه وحتى الوزارة، وقس على هذا الطالب والطالبة.
لعلك تذكر - معالي د. عزام -، ونحن نذكر كيف كان للمعلم وكذا المعلمة، الهيبة والاحترام، وكان الطالب إذا ما رأى المعلم يتوارى خجلاً وتقديراً، أما اليوم فالمعلمون والمعلمات هم الذين يتوارون خوفاً مع الأسف، وكان من حق المعلم المربي: التأنيب والتأديب بل حتى الضرب بدون قسوة.. وما ضرّنا بل هذا أفادنا وجعلنا جادين وظفرنا بمحصلات تعليمية قوية، من هنا لذا لا بد كإحدى خطوات التصحيح المهمة، من إعادة الهيبة والاحترام للمعلم والمعلمة.. وإلغاء التعاميم الناعمة التي تُحذِّر من نهر الطالب أو الطالبة وتوبيخه، وليس بالضرورة ما يطبق عند غيرنا من تنظيرات تربوية يصلح لنا، فلكل أمة ثقافتها وأسلوبها بالتربية، والتعليم، وإذا ما شذّ معلمٌ أو معلمةٌ بتصرف خطأ مع طالب أو طالبة، فيجب ألا نصدر تعميماً على الجميع: يقلِّص من هيبة المعلم، بل يفترض أن تُعالج كل حالة بحسبها دون التعميم، وكأن كل المعلمين والمعلمات مخطئون.
ختاماً: أعرف أخي معالي د. عزام أن المهمة ثقيلة لكنك - بعون الله - جئت حاملاً ثقة ولي الأمر، لتطوِّر وتنهض وتعمل لتحصد مخرجات تعليمية قوية.
من هنا، عليك - بعد عون الله - أن تسعى وتخطط وتستشير ثم تبدأ التنفيذ مع من يعملون معك.
وإذا عزمت فتوكل على الله، والله معك معيناً وظهيراً.