سلمان بن محمد العُمري
من فضل الله ونعمه علينا أننا نعيش في بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية في أمن وأمان ورخاء واطمئنان، لم يكدر صفوفنا حوادث الدهر والزمان وذلك الفضل من الله - عز وجل - يستحق الحمد والشكر والمحافظة عليه، وإذا كانت الأوطان بالنسبة للأمم قاعدة وجودها ومكمن حضارتها وأراضي بنائها ومقومات معاشها لا تقوم من دونها بنية، ولا تتحقق من غيرها سيادة، فإنَّ الواجب تعزيز هذا الحب وتنميته، وحب الوطن ضرورة شرعية وعقلية، ووطننا الغالي ليس أرضاً نعيش عليها فحسب فهو وطن لا كسائر الأوطان، وطن يقوم على العقيدة ويحفظها، وبحفظها تحفظ الأمة، وفيها المقدسات، وبعد ذلك هي مقر الأهل والإخوان، وفيها الأموال والثمرات والمكتسبات وننعم بالخيرات، وعلى أرضها وتحت سمائها تحقق مقاصد الشريعة الخمس بالمحافظة على الدين والنفس والعقل والنسل والمال وعلى أرضها يتحقق عبادة الله - عز وجل - ويطبق شرعه الحكيم.
في بلادنا لا نحصي ثناء على الله على ما أنعم به وتفضل من نعمة الإسلام ونعمة الأمن ونعمة العافية والاطمئنان ورخاء العيش، وهي نعم عظيمة لا يعرف قدرها إلا من حرم منها، وانظروا لمن حولنا من البلدان ممن أصيبوا بالفواجع ونكبات الدهر وتقلبات الزمن، كل هذا يستوجب منا أن نعزز من إيماننا بالله - عز وجل - ونشكره على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وأن نحرص على دوام النعم بشكر المنعم، والبعد عما ينغص أمننا ووحدتنا، وكل من ابتعد عن الله - عز وجل - فقد لحقه غضب ربّه وأذاقه لباس الجوع والخوف أمماً كانوا أو أفراداً، ونحن في هذا البلد نعيش في أمن وطمأنينة فعلينا أن نبذل كل ما نستطيع حفاظاً على مكتسباتنا الدينية والدنيوية.
من فضل الله وحمده أننا نعيش في هذه الأيَّام وفي سائر الأيَّام صفاً واحداً متراصين متماسكين حكومة وشعباً مجتمعين حول كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلَّم - ملتزمين بطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلَّم - ثم طاعة ولاة الأمر في وحدة وتكاتف حكاماً ومحكومين، لا نهتم بالترهات التي تأتي من البعض ونحن على يقين بنصر الله وتأييده وأن الله سبحانه وتعالى سينصرنا لأننا دعاة خير وسلام ودعاة رحمة بإذن الله تعالى متأسين بسنة المصطفي - صلى الله عليه وسلَّم - وهديه حيث يقول: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإنَّ الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد من أراد الجنة فليزم الجماعة) رواه الترمذي.
ومن أعداء الدين وأعداء هذا البلاد من يحقد على الإسلام وأهله ويبثون أفكاراً هدامة مخالفة لجماعة المسلمين وعملوا على هدم عقيدة الإسلام ومن عدائهم للدين يريدون الإساءة للدين ولصرحه المكين المملكة العربية السعودية.
إن الأمن الداخلي والخارجي صنوان ومكملان لبعضهما البعض ومؤثران فيما بينهما، والأمم والدول في مختلف العصور تسعى لتحصين جبهاتها الداخلية مع الاستعداد للمواجهات الخارجية.
وفي العصر الحاضر شكلت بعض الظواهر الاجتماعية السلبية في النشر مخاطر على المجتمعات لسهولة انتقال الأخبار عبر وسائط التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصال الحديثة، وقل ما يصل من هذه الأخبار من دون زيادة أو نقصان إن لم تكن هذه الأخبار مغلوطة في سياستها ومكذوبة من نشأتها، وفي الأحوال العادية لا يخفي ما تسببه هذه الأكاذيب والأراجيف من أضرار اقتصادية واجتماعية وأمنية وصحية، ومن المؤسف حقاً أن نرى ونسمع عن بعض من يتناقلون الأخبار التي ليست في مجالهم واختصاصهم فحسب، بل و»يغردون» بها وكم كذبة شاعت وانتشرت في أوساط المجتمع بسبب الاستعجال والاندفاع وعدم التثبيت.
اليوم نعيش وقائع «عاصفة الحزم والعزم» التي انطلقت بتحالف عربي إسلامي وتحت قيادة راية التوحيد لدحر الظالمين والعابثين ونصرة المظلومين وحماية بلادنا المباركة من المفسدين في الأرض أحوج ما تكون إلى اليقظة والحس الوطني الأمني من جميع أفراد المجتمع وعدم الانسياق خلف الإشاعات والأكاذيب التي قد يبثها العدو وسعى من خلالها إلى خلق جو من الاضطراب والقلق، ولن يعدم جنوداً وطابوراً يبثون هذه الأراجيف فقد يخدمه (الجهلاء) من حيث لا يعلمون في الانسياق خلف النشر غير المنضبط فيكونوا أداة في يد مخطط الأعداء.
لاشك أن نشر الأخبار المكذوبة وعدم التثبت منها فيه مخالفة شرعية وروى أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - قال : « كفي بالمرء إثماً أن يحدّث بكل ما سمع « هذا على فرض أن الأخبار صحيحة فكيف بالمكذوبة؟ وكيف إذا كانت هذه الأخبار قد تكون ضارة بالمجتمع ومؤذية للناس وقد حذر الله عز وجل من هذا فقال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)، وفي هذا الوقت بل في كل وقت يجب أن يكون المواطن والمقيم على حد سواء متبيناً من كلامه وما يصدر عنه وما يعيد إرساله واستخدامه للتقنية ويسأل نفسه هل هذا الكلام من ورائه خير أم شر وأن يتقي الله فيما يقول وفيما يرسل وماذا يدبر من الكلام والنشر، وهل يريد وجه الله والدار الآخرة أم يريد هوى في نفسه أم يريد إلحاق ضرر بالآخرين وينبغي للإِنسان أن يكون حريصاً على ضبط نفسه ولسانه ويده فيما يرسل وأن نعمل على إشاعة الأمن والإيمان، فيما بيننا ونتعاون جميعاً وألا نكون أبواقاً للأعداء ونسير خلف مخططاتهم دون أن نبصر بنشر كل ما هب ودب وننساق خلف من يريد أن يفسد في الأرض ويحول أمن هذه البلاد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).. نسأل الله عز وجل أن يديم علينا النعم ويدفع عنا الفتن والمحن والنقم وأن يجعل هذا البلد أمناً مطمئنا وسائر بلاد المسلمين وأن يحفظ ولاة أمرنا وقادة نهضتنا وأن يحفظ رجال أمننا ويحيطهم بعينه التي لا تنام وركنه الذي لا يضام وأن يهدي ضال المسلمين وأن يقمع الباغين والظالمين والمعتدين، ويعيذ البلاد من شرورهم.
* * *
* حسك الأمني أساس لهزيمة الإرهاب ودحر مؤامرات الأعداء، فلا تتردد في تأكيد استشعارك لمسؤولياتك الوطنية بالإبلاغ عن كل ما يثير الريبة بالاتصال على (990).