تأليف: الأديب الأستاذ عبدالله بن حمد الحقيل
قراءة: حنان بنت عبدالعزيز آل سيف
-بنت الأعشى-
ألف الأديب الأغر الألمعي عبدالله بن حمد الحقيل كتاباً ماتعاً عن مسقط رأسه المجمعة التحفة وعنون له بعنوان يكشف لقراء الكتاب عن ماهيته وكنهه ولبه فقال حرسه الله: (المجمعة حاضرة إقليم سدير لمحات تاريخية وثقافية) وجاء فيه بتاريخ المجمعة حاضرة إقليم سدير بل هي من سدير بمثابة الرأس من الجسد وعموده وذروة سنامه عرج فيه على تاريخها الثقافي والاجتماعي والديني كما تناول شيئا من موروثها وتراثها الشعبي، استعرض أديبنا الحقيل هذه الجوانب بشيء غير قليل ونزر من الإمتاع والأنس، وهو منه -حفظه الله- لمحة إلى الاهتمام بمساقط رؤوسنا، ومدننا التي حدث وعطفت علينا حتى شببنا عن الطوق، وقوي الساعد فلله دره.
وهذا الكتاب الفذ الفرد يؤرخ لمدينة المجمعة -حاضرة إقليم سدير- كما وسمها ورسمها على غلاف الكتاب الذي زاد نضارة وجمالاً وعذوبة. هو يؤرخ لمسقط الرأس، ومرتع الصبا، ومنبع الشباب من الألف إلى الياء ومن الصبا إلى اليفاعة، ومن الشباب إلى الشيخوخة، استعرضها في عيون أبنائها، وفي خواطر رحالتها، وفي قريحة علمائها وفي آمال شعرائها:
يا موطني يا موئل الأشعار والأدب
يا قلعة المجد والتاريخ والحسب
يا مشرق الحب والآثار خالدة
هواك يشفي سنام النفس والوصب
وها هو ابن الرومي الشاعر الفحل يقف بحذاء المؤلف -حفظه الله- ويعلل أسباب حب الوطن فيترنم قائلا:
ولي وطن آليت ألا أبيعه
ولا أرى غيري له الدهر مالكا
عمرت به شرخ الشباب منعماً
بصحبة قوم أصبحوا في ظلالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم
مآرب قضاها الشباب هنالكا
والأديب الذائع اللامع عبدالله بن حمد الحقيل لا يجاري في التغني بالشعر فالكتاب ممتلئ بعشرات الشوارد الشعرية من فصيح ونبطي.
يقول المصنف -حفظه الله- في مستهل ناصية مصنفه: (مدينة المجمعة حاضرة إقليم سدير هي أهم مدن منطقة الرياض مدينة عريقة بتاريخها وآثارها وعلمائها وهي جزء من المنطقة الوسطى بالمملكة التي نجهل الكثير من تاريخها القديم الذي يرجع إلى أقدم العصور وإن لم ترد في ذلك نصوص ظاهرة ولم تبرز مكانتها الاجتماعية والعلمية إلا مع ظهور الدولة السعودية الأولى المقترنة بمساندة الإمام محمد بن سعود (000 - 1179هـ) للدعوة السلفية التي قام بها مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله، حيث بدأت قوة الدعوة تمتد من الدرعية منذ عام 1158هـ).
جادتك من غاديات المزن وطفاءُ
يا موطن العز والإخلاص فيحاء
والفيحاء من أسماء المجمعة، كما تغنى شاعرها المعاصر عثمان بن سيار. هذا ويحوي المصنف خمسة فصول ذهبية ويضم الفصل بين برديه بنوداً ومنها على سبيل مسلك التمثيل لا الحصر: الفصل الأول بعد المقدمة والتوطئة يأتي بند أهمية العناية بتاريخ مدننا وتراثها الثقافي وبند موقع المجمعة وجغرافيتها، الفصل الثاني: جامع الملك عبدالعزيز في المجمعة روضة من رياض العلم - الملك سعود يؤم المصلين في جامع المجمعة، الفصل الثالث: المجمعة في مرآة الرحالة وكتابات المؤرخين وفي رأي ان هذا البند من أهم وألمع بنود هذا الفصل، - المجمعة في ذاكرة أبنائها:
أقول شوف العين ما هو دهاويل
راعي سدير للضيف خله لحاله
هشين بشين وعدال عن الميل
سمحين وبضده لراعي الجهالة
تلقى دلال باشقر البن والهيل
تفوح مع طيب النبا والسهالة
ومن عقب هذا السمن ومفطح الحيل
كل يحشمونه على قدر حالة
الفصل الرابع: ومما يتضمنه المجمعة في إشراقتها الحاضرة - جامعة المجمعة منارة علمية.
الفصل الخامس ومن بنوده بند أصل تسمية سدير ومدلولها، - مدينة سدير الصناعية، لقاء الأمير سلمان بأهالي محافظة المجمعة.
ثم يختتم المؤلف الأديب عبدالله بن حمد الحقيل عقد الكتاب بخاتمة ميمونة الطالع ومما جاء فيها على لسانه -حفظه الله- قوله: (مازلت أذكر وصية أستاذي الشيخ حمد الجاسر الذي كان يحثنا دائما على التصدي للتأليف عن بلادنا مما يتعلق بتاريخها ومختلف أحوالها إذ بمثل هذا العمل كما يقول تتكامل لدى الباحث ما يحتاج إلى معرفته عند دراسة أي ناحية من نواحي الحياة في بلادنا.. لقد سبق أن نشرت شيئا عن بلدي المجمعة في كل من مجلة الدارة ومجلة الفيصل والمنهل والجزيرة والرياض وغيرها ومع هذا فما عمل ابن آدم عملاً في يومه إلا وقال في غده لو كان غير هذا لكان أحسن وهذا جهد المقل هذا وبالله التوفيق).
وأخيراً:
هذا الكتاب الوسيم يعمد إلى رصد شيء من تاريخ ومدينة المجمعة الغراء من خلال أثر التطورات التاريخية التي مرت بها المملكة وتحولاتها المتعددة، هذه المعايشة التاريخية اليومية رصدها الأديب عبدالله بن حمد الحقيل، يحرسه الله بتفاعل وتسجيل للأحداث والحوادث والمحادثات في حينها وزمنها ووقتها لأنه كما يبدو من خلال قراءة الكتاب والتأمل فيه أن التفكير فيه قديم، فلما اكتملت سمات الأدب في المؤلف -حفظه الله- صال وجال في هذا الكتاب النفيس.
مازلت تلهج بالتاريخ تكتبه
حتى رأيناك في التاريخ مكتوباً
عنوان التواصل/ ص.ب 54753 الرياض 11524