لم يكن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بما يحبه ويرضاه قاصراً على الملفات الرئيسية والحيوية المحلية التي تخص المملكة العربية السعودية فقط، بل أفرد مقامه السامي مساحتين كامتدادين حيويين عربياً وعالمياً، إدراكاً ببعد نظرته المستقبلية الثاقبة عن مكانة المملكة النامية باتزان، لتصبح الدولة المحورية صاحبة القرار في الشأن العربي والعالمي، وهذا ما دفع كبار المحللين والسياسين لوصف هذا الخطاب بالشامل، والتاريخي، إذ لم يترك شيئاً للصدفة، أو للتكهن، بل وضع النقاط على الحروف، وحدد بعبقرية الأسس التي تعتمد عليها الدولة، والواقع والمأمول، وأرسل الرسائل الكاشفة للمبادئ التي ترسلها المملكة للعالم أجمع.
ولعلنا أمام هذا الجانب شديد الأهمية حيث انطلق من المحلي إلى العالمي إذ أكد مقامه السامي بقوله: «إن سياسة المملكة الخارجية ملتزمة على الدوام بتعاليم ديننا الحنيف الداعية للمحبة والسلام، وفقاً لجملة من المبادئ أهمها استمرار المملكة في الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات والمواثيق الدولية، بما في ذلك احترام مبدأ السيادة، ورفض أي محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية، والدفاع المتواصل عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية بشتى الوسائل، وفي مقدمة ذلك تحقيق ما سعت وتسعى إليه المملكة دائماً من أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف».
وهذه الرسائل تمنح العالم الاطمئنان حول ثوابت المملكة الرامية إلى الاستقرار العالمي والإقليمي. كما أكد خادم الحرمين الشريفين على ضرورة تحقيق التضامن العربي والإسلامي كضرورة ملحة لمواجهة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية، وما لها من أثر حاد على العالم بأثره، موجها بضرورة تنقية الأجواء وتوحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والعمل لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم، وإرساء مبدأ العدالة والسلام، ورفض خادم الحرمين الشريفين الممارسات التي تهدد الأمن والسلم العالميين، وأكد على أهمية مواجهة الإرهاب ووصفه بأنه «آفة عالمية لا دين لها».
إن المملكة العربية السعودية تدرك تماما ثقلها السياسي والاقتصادي على المستوى العربي والعالمي، وهي تنطلق بهذا الثقل الكبير لوضع محددات أكثر عدالة لكل القضايا الخلافية، والخطاب التاريخي الذي قدمه لنا خادم الحرمين الشريفين يؤكد اطلاع المملكة على ما يحدث عالميا وإقليمياً، وهي قادرة على لعب دور فعال لإقرار السلام والاستقرار في المنطقة، فقد قال خادم الحرمين الشريفين: «نحن جزء من هذا العالم، نعيش مشكلاته والتحديات التي تواجهه ونشترك جميعاً في هذه المسؤولية، وسنساهم بإذن الله بفاعلية في وضع الحلول لكثير من قضايا العالم الملحِّة، ومن ذلك قضايا البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، وسنستمر في العمل على ذلك مع المنظمات والمؤسسات الدولية والشركاء الدوليين».
عدنان بن عبدالله النعيم - الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية العمومية للسيارات - نات