يوسف المحيميد
في الوقت الذي تدعم فيه دول الخليج موقف السلطة الشرعية في اليمن، وتوفق على عقد مؤتمر يخص اليمنيين تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون بالرياض، تثير أمريكا ضحك العالم حين يعلن (البنتاغون) أنه فقد أثر شحنة أسلحة ضخمة تضم زوارق وطائرات قيمتها أكثر من نصف مليار دولار، كانت متجهة لليمن، تخشى أن تصل تلك الأسلحة إلى جماعة الحوثيين أو تنظيم القاعدة في اليمن.. يا عيني على الخشية والبراءة!
في الوقت الذي تدعم دول الخليج - التي يلصق بها الغرب صفة الإرهاب - أمن اليمن واستقراره، والخروج به إلى بر الأمان، يدّعي أعضاء في الكونغرس بدولة الديمقراطية الأولى في العالم، وبعد جلسة مغلقة بأنهم عاجزون عن منع وصول الأسلحة للأيدي الخطأ في اليمن المختطف.. يا سلام!
في الوقت الذي تبحث دولنا عن حلول سلمية، تحفظ بها أمن اليمن الشقيق وسلامة شعبه وأراضيه، وتراهن على مبدأ الحوار في مؤتمر مفتوح لجميع الأطياف، بمن فيهم الحوثيون، تؤكّد أمريكا أن شحنة الأسلحة هذه، المفقودة في اليمن، تجعلها تقرّر تحويل وجهة شحنة أسلحة أخرى كانت مقرّرة إلى اليمن بقيمة 125 مليون دولار، إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا.. وكأنما رسالة أمريكا الوحيدة هي إشعال الحروب في العالم!
وفي المقابل أيضاً، وحين تسعى دول الخليج، بكل ما تملك من وسائل الحوار، والبحث عن الحلول الدبلوماسية، وتلقي بياناً مشتركاً أمام مجلس حقوق الإنسان، تلتزم خلاله بأمن اليمن واستقراره، ترسل الخطوط الإيرانية رحلتين يومياً، تحمل الأسلحة، وتدعم الحوثيين علناً، وتشعل الحروب مع أمريكا في منطقة الشرق الأوسط.
وبعد كل ذلك، وبعد إشعال كل هذه الحروب علناً من حولنا، من هم دعاة السلام، ومن هم البرابرة؟ من الذين أوقدوا الحروب في العراق وسوريا، وفي اليمن، وتحت غطاء ما يُسمى بحروب طائفية تُنسب إلى المذاهب، بينما هي تخبئ حرب قوميات، تستهدف تصفية العرب، وتفرض القومية الفارسية في البلدان العربية، وبأدوات وعناصر عربية للأسف، تقوم بتحريكها كما تشاء!
كم مضت من السنوات على فوضى العراق؟ كم مرت من سنة منذ الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق عام 2003؟ أكثر من عشر سنوات، وكذلك سوريا التي دخلت سنتها الخامسة في مذابح النظام السوري المدعوم من إيران، ولم يستيقظ لها الضمير الإنساني، ومنظمة حقوق الإنسان، بينما جاءت وزيرة الخارجية السويدية تفتش في شؤوننا الداخلية عن حقوق الإنسان، فأي ضمير لا يلتفت لأكثر من عشرين مذبحة، بكل الأسلحة المحظورة، وأي ضمير ومبادئ وأخلاقيات سياسية، تغمض عن احتلال دولة ذات نظام وحكومة، كاليمن، من قبل ميليشيات مدعومة خارجية؟
نعم نحن دعاة سلام، وحوار، وأنتم البرابرة.