د. عبدالواحد الحميد
في أحد الأحياء بمدينة الرياض يقف هيكلٌ شامخ لمبنى مدرسي غير مكتمل البناء منذ سنوات، وعندما سألتُ عن سر توقف بنائه قيل لي أن خلافاً نشب بين وزارة التربية والتعليم (سابقاً) والشركة الصينية الموكول إليها بناء المدرسة. وسمعتُ تفاصيل غريبة عن الخلاف، وهي تفاصيل غير منطقية إذا كانت صحيحة، لكنني لن أخوض فيها دون أن أتأكد من دقتها.
لكن الثابت هو أن هناك مبنى مدرسياً ضخماً شبه جاهز ومُعطَّل تماماً، والسبب هو خلاف بين شركة أجنبية اكتفت بما حققته من أرباح وجهة حكومية ربما نسيت الموضوع تماماً بينما يرقد ملف المعاملة في درجٍ ما لدى الجهة المختصة في وزارة التعليم.
كل ذلك يحدث بينما لازالت نسبة لا يستهان بها من المباني المدرسية ليست أكثر من مبانٍ مستأجرة تفتقر إلى البيئة التربوية والتعليمية المناسبة. وقد كان بالإمكان تفهم مثل هذا الأمر قبل سنوات عندما كانت الميزانيات شحيحة لا تفي بمتطلبات الجهاز الحكومي من الإنشاءات والمباني، ولكن لم يعد من الممكن تفهم ذلك الآن فضلاً عن قبوله بعد أن تراكمت الاعتمادات المالية للمشروعات الحكومية غير المنفذة.
وقد فهمت، من نفس المصدر الذي أشرت إليه في مطلع المقال، أن هناك مدارس أخرى كانت الشركة الصينية قد بدأت بتنفيذها ثم توقف العمل بسبب الخلافات بين الجهة الحكومية ذات العلاقة والشركة. ونحن هنا لا نتحدث عن خلافات نشبت منذ مدة قريبة وظلت معلقة لفترة بسيطة وإنما عن خلافات لازالت مستمرة منذ سنوات ولا يبدو في الأفق ما يبشر بأنها على وشك الانتهاء!.
إن ترك هذه الخلافات المعلقة للزمن كي يتكفل بعلاجها أمرٌ غير مقبول، فنحن نتحدث عن اسثمارات معطلة في البنية الأساسية لقطاع التربية والتعليم، والخاسر الأول والأخير من جراء ذلك هو الوطن وليس الشركة الصينية أو جهة حكومية بعينها. ولذلك يجب على وزارة التعليم أن تتحرك سريعاً لإنهاء أوضاع مشروعات المباني المدرسية شبه المكتملة كسباً للوقت واستنقاذاً للاستثمارات الحكومية المعرضة للضياع وتعزيزاً للبيئة المدرسية التي لا تتوفر مقوماتها في بعض المباني المستأجرة.