الحمد لله رب العالمين القائل في محكم تنزيله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. في ذمة الله يا فقيد الأمة لقد قلت قولتك الشهيرة (يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم وأستمد قوتي من الله ثم منكم فلا تنسوني من دعواتكم).
إنك رحلت ولكن ستبقى في قلوبنا حياً، وسوف ندعو لك إن شاء الله في صلاتنا.
كيف ننساك..
والكل يلهج بالثناء لمجده
عرف القريب إباءه والأبعد
نسجى طيوبا من ترانيم الوفا
لك يا وفي الأريحي الأمجد
سيف وأهداه الإله لأمة
في صون عزتها يسل ويغمد
كم كنت تصنع للبلاد أمانها
أنت المغيث لشعبها والمنجد
فلله در الرجال الذين ينحني لهم التاريخ إجلالاً وتعظيماً، استطاع بخبرته ونور بصيرته أن يواصل النهضة العمرانية في شتى دروب الرقي الحضاري كتوسعة الحرمين الشريفين، وإنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في منطقة رابغ شمال جدة، وليست زيارته الميمونه لمناطق المملكة بعيدة عن الأذهان عندما جاد بحر كرمه بمشاريع شتى يفخر بها كل من ينتمي لهذا البلد الآمن وكذلك مبادرته الكريمة بإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المنطقة الغربية حتى أصبح كل أبناء الوطن يشهدون له بهذه الحنكة والوطنية.
لقد تعدى نجاحه حدود المحلية والإقليمية ليصل إلى نطاق العالمية وهذا شرف عظيم لأمتنا العربية والإسلامية أن يمثلها رجل السلام العالمي وهذا باعتراف دولي حينما تصدر قائمة مئة الشخصية أن يمثلها رجل السلام العالمي وهذا باعتراف دولي حينما تصدر قائمة مئة الشخصية الأكثر تأثيراً لعام 2007م فهو من ضمن أبرز الشخصيات قوة وموهبة لاعتبارها القدوة الأخلاقية في تغيير العالم.
لقد استفاد من مكانة المملكة المشرفة وعلاقتها المميزة مع دول العالم في خدمة قضايا أمتينا العربية والإسلامية حيث استطاع بحكمته وأناته أن يرأب صدع خلافاتها ويقيم فيما بينها علاقات قائمة على الإيثار، فهو الذي استقبل الوفود العراقية في رحاب بيت الله وفض الخلافات بينها، وهو صاحب المبادرة الشهيرة في مؤتمر بيروت التي أصبحت نموذجاً فذاً لفض النزاعات بين الأطراف المتنازعة، وهو الذي احتضن الاشقاء الفلسطينيين في ميثاق مكة، حيث أوقف نزيف الدم ووصع لهم خطا أحمد لا تتجاوزه خلافاتهم الداخلية على أرض الأقصى.
كما استطاع أن يفضل النزاع السوداني التشادي حينما احتضن لقاء القمة المصغر بين فخامة الرئيس السوداني عمر البشير وفخامة الرئيس التشادي إدريس دبي. كما أزال الخلافات بين قطر وبين مصر ودول الخليج حيث استطاع أن يحقق ما لم يستطع الآخرون تحقيقه، كل ذلك بصمت دون بهرجة إعلامية وهذه بصمة أخرى من بصمات أياديه البيضاء التي عم خيرها على الجميع.
نسأل المولى العلي القدير أن يتغمد فقيد الأمتين العربية والإسلامية الملك عبدالله بن عبدالعزيز بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
عظم الله أجركم يا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويا ولي عهده الأمين الأمير مقرن بن عبدالعزيز ويا ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز والأسرة المالكة والشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية.
نسأل المولى أن يوفق هذه القيادة الرشيدة لمواصلة مسيرة هذا الوطن المعطاء وأن يوفقهم لخدمة الأمتين العربية والإسلامية وأن يديم على هذه البلاد نعمة الأمة والأستقرار.
- خالد غراب