د. أحمد الفراج
دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الكابيتال هيل (مبنى الكونجرس) بكل زهو، وألقى خطابه، ولم يكترث البته بردة فعل الرئيس باراك أوباما، وأركان إدارته، ومع أن أوباما حرص - قبل إلقاء الخطاب - على أن ينشر التاريخ الكامل لخدمته لإسرائيل، إلا أن هذا لم يشفع له، كما لم يؤثر تخلف بعض الأعضاء الديمقراطيين عن الحضور، من باب المساندة لاوباما، فقد كانت أجواء قاعة الكونجرس احتفالية، خصوصا وأنها كانت فرصة كبيرة للجمهوريين للنيل من الرئيس، وقد وقف أعضاء الكونجرس أثناء الخطاب، وصفقوا لنتنياهو حوالي ست وثلاثين مرة، وربما يكون هذا رقما قياسيا، إذ كان خطاب نتنياهو قويا، وواضحا، وتم إعداده - على ما يبدو - من قبل خيرة الخبراء، من معدي الخطابات الهامة، وقد بدأ نتنياهو خطابه بالإشادة بأوباما، وخدمته لدولة إسرائيل، سواء المعلوم منها، أو ما لا يمكن البوح به لأسباب أمنية، إلا أن هدف الخطاب الرئيس كان إيران، وإيران فقط.
تحدث نتنياهو عن معارضته للاتفاق النووي، وأكد على أن إيران الحالية هي دولة فاشية، يحكمها مجموعة من الملالي، وأن هدفها هو نشر أفكارها خارج حدودها، وقال إن إيران تسيطر حاليا على أربع عواصم عربية، وهي لا تزال دون سلاح نووي، فما بالك إذا استطاعت صنع هذا السلاح الفتاك، وأبدى مخاوف إسرائيل وقلقها من هذا الأمر، مؤكداً على أن الاتفاق النووي المطروح حاليا سيؤدي لحصول إيران على السلاح النووي مستقبلا، إذ إنه لا يشتمل على تدمير أي منشأة نووية، كما أنه سيترك البنية التحتية للإنتاج النووي، ثم قارن نتنياهو بين تنظيم داعش، وإيران، مؤكدا أنهما يمثلان تهديدا للعالم أجمع، ويسعيان لذات الهدف، رغم اختلاف الأيدولوجيا بينهما، والفرق هو أن داعش تمهد لمشروعها التوسعي بالسكاكين، وإيران ستفعل ذلك بالصواريخ المتقدمة، والسلاح النووي، في حال تم الاتفاق النووي!.
نتنياهو، ومن باب الضغط على أعضاء الكونجرس، قال إن إسرائيل مستعدة للوقوف وحدها أمام إيران، إذا اضطرت لذلك!، وقد حاول أوباما تجاهل خطاب نتنياهو، وعقد لقاءا أثناء إلقائه، إلا أنه اضطر للتصريح لاحقا، وقال إن على نتنياهو أن يعلم أن الاتفاق النووي سيفضي إلى تجريد إيران من السلاح النووي!!، وأنا أحرص منه على حماية إسرائيل!!، ثم ختم بالقول: «إن نتنياهو يعترض على الاتفاق النووي، ولكنه لا يعرض علينا أي حلول بديلة !!»، وهذا زعم غريب من أوباما، فنتنياهو لديه الحل الذي يطرحه، هو وحزب الليكود، منذ فترة طويلة، وهو «ضرب البرنامج النووي الإيراني»!!، ولكن من الواضح أن أوباما يعارض هذا الحل العسكري، وبالتالي يرى أن نتنياهو لا يملك حلولا للمشكلة !!، ويبدو أن خطاب نتنياهو في الكونجرس آتى ثماره، فقد تقدم أعضاؤه بمشروع قانون يجبر الرئيس على التشاور معهم، قبل إبرام أي معاهدة، وما علينا - نحن كمراقبين - إلا أن ننتظر كيف ستنتهي معركة نتنياهو، وأعضاء الكونجرس الجمهوريين من جهة، مع اوباما، وإدارته من جهة أخرى!!.