بعد الاطلاع على المقال المعنون (الطائفية الطارئة عقيدة أم سياسة؟) للكاتب محمد بن ماضي المنشور في عددكم الصادر بيوم الجمعة 9 يناير والذي تحدث الكاتب خلاله عن الدور السياسي لإيران في التلاعب بالأوراق المذهبية ومتاجرتها بخلافاتنا العربية القديمة والحديثة لتمزيق الجبهة السياسية العربية التي تتزعمها المملكة العربية السعودية بحكم دورها المؤثر ومركزها الاقتصادي الراسخ وهذا ليس بخافٍ عن أحد إلا أن الأهم هو قرعه ناقوس الخطر على دول الجزيرة العربية التي ستتأثر على المدى الطويل في حال سقط مضيق باب المندب بيد جهة معادية وهو ثاني أهم الممرات المائية عالميا والذي تشرف عليه مدينة عدن التاريخية وهو ممر مائي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب, المسافة بين ضفتي المضيق هي 30 كم من رأس منهالي في البر العربي إلى رأس سيان في إفريقيا وتتوسطه جزيرة بريم (مَيّون) التابعة لعدن والتي تسيطر على المضيق كليا لوجود قبل شاهق في وسطها يتحكم في المضيق تحكم كامل والجزيرة تفصل المضيق إلى قناتين شرقية تعرف باسم باب اسكندر عرضها 3 كم وضحلة وغربية واسمها «دقة المايون» فعرضها 25 كم وعميقة جدا.
وقد كانت أهمية مضيق باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط فتحول المضيق إلى ثاني أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوربا والبحر المتوسط وعالم المحيط الهندي وشرقي أفريقيا وما زاد في أهمية الممر أن عرض قناة عبور السفن هي 16كم وعمقها 100-200م ما يسمح لشتى السفن وناقلات النفط بعبور الممر بيسر على محورين متعاكسين متباعدين نفط الخليج العربي أحد أهم السلع التي تستخدم المضيق ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً .
ولعله من المهم الإشارة أن الإمبراطورية البريطانية العظمى في القرن الماضي كانت تولي أهمية كبيرة لمضيق جبل طارق ومضيق باب المندب كأهم ممرين مائيين في العالم وبذلت كل ما تستطيع للسيطرة عليها فاحتلت جبل طارق أولا ثم ضفتي مضيق باب المندب والذين من خلالهما تحكمت بريطانيا بحركة الملاحة لسنوات طويل سبقت الحرب العالمية الثانية.
وان كان لي عتب على كاتب المقال محمد بن ماضي فهو إغفال الإشارة لأهم آثار سقوط عدن بيد الانجليز وهو احتلال مصر التي فشل الإنجليز في احتلالها من البحر الأبيض المتوسط في حملتهم الأولى عام 1807م وكانت هذا الفشل أحد دوافع الإنجليز لتعزيز مواقعهم في المنطقة واحتلال عدن في 1839م التي استخدمت كمنطلق لبعض الأساطيل البريطانية التي شاركت في غزو مصر للمرة الثانية ثم احتلالها في 1882م ثم سقوط السودان كتحصيل حاصل في 1898م ثم العديد من الإمارات العربية, كما استخدم الإنجليز ميناء عدن ضد مصر للمرة الثانية في 1956م في العدوان الثلاثي.
عبدالعزيز محمد العنزي - الرياض