استهلت المملكة العربية السعودية برنامجها الثقافي المصاحب لمشاركتها كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب بندوة (العلاقات التاريخية السعودية المصرية)، والتي ألقاها الدكتور سالم بن محمد المالك المستشار والمشرف العام على الإدارة العامة للتعاون الدولي بوزارة التعليم العالي السعودية، وأدارها الدكتور خالد بن محمد الوهيبي الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة، والذي قدم اعتذار معالي السفير أحمد عبدالعزيز قطان سفير خادم الحرمين الشريفين بالقاهرة والمندوب الدائم للمملكة بجامعة الدول العربية عن عدم الحضور لظروف سفره الطارئ.
بدأ الدكتور سالم بن محمد المالك حديثه مؤكدا حقيقة راسخة يعتبرها من المسلمات قائلا: (إن المتتبع للعلاقات السعودية المصرية يرى أنها تقوم على ثوابت مشتركة ومتعددة ومتشعبة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ فالدولتان الشقيقتان تحتلان مواقع جغرافية محورية، وتمتلكتان مقومات دينية وسياسية وعسكرية وضعتهما في مقدمة أهم المناطق الاستراتيجية.
وفي إطار التفصيل حول ماهية العلاقات السعودية- المصرية عبر السنين، استعرض المالك موجز تاريخ العلاقات السعودية المصرية مشيرا إلى أن الملك عبدالعزيز –يرحمه الله- عندما أسس المملكة العربية السعودية ونالت الاعتراف الدولي بها باعتبارها دولة عربية إسلامية عام 1932م حرص على وضع أسس شاملة للعلاقات الخارجية للمملكة الوليدة؛ ومن أبرز ما حرص عليه هو توطيد علاقتها بدور الجوار خاصة مع شقيقتها مصر، حيث كان يوصى أبناءه دوما قائلا (وثقوا علاقة المملكة بالشقيقة مصر).
وأكد (المالك) أن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كان يعي أهمية الترابط بين البلدين الشقيقين، ليس فقط باعتبارها مجرد علاقة جوار، بل علاقة لها طابع خاص، لافتا إلى أن العلاقة بين البلدين كانت شعبية قبل أن تكون رسمية، ومشيرا إلى أن المملكة اعتمدت على مصر في مجال التعليم من خلال إرسال البعثات المتبادلة بين البلدين.
وحول تطور هذه العلاقة فى العصر الحديث أشار(المالك) إلى أن العلاقات بين البلدين شهدت وثبة كبيرة عام 1939م؛ حيث وقع البلدان معاهدة الصداقة المصرية السعودية، وقد وضعت تلك المعاهدة العديد من الأسس التي قامت بين البلدين وكانت الباب الرئيس لتأسيس جامعة الدول العربية.
وأوضح أن الملك عبدالعزيز قام بزيارة مصر في عهد الملك فاروق، وشملت الزيارة العديد من الأماكن في مصر مثل الإسكندرية، ومصانع الغزل والنسيج، وجامعة الدول العربية، كما زار عددا من القبائل التى تعود أصولها لشبه الجزيرة العربية والحجاز منها قبيلة عرب الطحاوية في محافظة الشرقية.
وأضاف (المالك) أن الملك عبدالعزيز أرسى القواعد التي قامت عليها العلاقات المصرية السعودية، واتخذ ثلاثة توجهات في الجامعة العربية أولها التوجه العربي والذي يتمثل في ضرورة مساندة الدول العربية في الأزمات، وثانيها التوجه الإسلامي وتتضمن مساندة الدول الإسلامية في كل بقاع العالم، وثالثا التوجه الدولي ومشاركته في تأسيس الأمم المتحدة، كما أكد أن العلاقات بين مصر والمملكة لم تنقطع في أي وقت رغم ما طرأ على أوضاع الأمة العربية في بعض الأحيان.
وقال (المالك) إن من وصايا الملك عبدالعزيز لأبنائه عن مصر (أنها أقرب البلدان العربية إلينا نحن العرب، وإننى أتابع تطورها بشغف واهتمام)، وعندما تولى الملك فيصل -رحمه الله- ازدهرت العلاقات المصرية السعودية عقب حرب 1967م، وظهر ذلك جليا فى موقف الملك فيصل الداعم للتضامن العربى لحرب أكتوبر، ومساندته للرئيس محمد أنور السادات، ثم زيارته التاريخية لقناة السويس بعد نصر السادس من أكتوبر، ودعمه للقضية الفلسطينية، وحين قامت ثورة 25 يناير لم تنقطع السعودية وقدمت الدعم بشتى صوره لمصر، وهذا يؤكد أن العلاقات بين البلدين الشقيقين لا ترتبط بنظام حكم، كما أعلن الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- دعمه لخطة خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عقب ثورة الثلاثين من يونيو، بالرغم من أن ذلك كان على غير هوى بعض الدول الكبرى، إلا أن السعودية بالتعاون مع دولتي الإمارات والكويت ظلت تعمل على التعاون مع مصر وتتضامن مع خيارات الشعب المصري.
وأضاف د. المالك أن المملكة العربية السعودية كانت هي البادئة بالدعوة إلى المؤتمر الاقتصادي لدعم مصر، والذي سيعقد خلال شهر مارس المقبل، لبحث سبل دعم مصر في المجال الاقتصادي. وقد عبر عن امتنانه لمصر لإطلاق اسم الملك عبدالله -رحمه الله- على أحد شوارع المدينة.