رحل الفارس عبدالله بن عبد العزيز عن هذه الدنيا الفانية، وبقيت مناقبه ومواقفه ومراجله، رحل راعي الفروسية والخيل وبقي أثر البسالة والإقدام والشجاعة رحل فقيد الفروسية الكبير ورفعت الخيل حدادها الطويل بعد أن تفتحت واشرأبت على نبله وتفانيه وإخلاصه طوال خمسة عقود فائتة.

رحل الفارس الشهم الوفي العظيم الذي يستمد قوته بالمولى عز وجل وبمحبة شعبه المخلص.

رحل ملك الفروسية وباني أمجادها وبقيت مواقفه وأفعاله في الحفاظ على هذا المخلوق الأصيل مصونة مدعومة ومحروصة.

رحل مؤسس المجد الفروسي في عصره الحديث بعد أن رسم لها الركائز الأساسية في بداياتها ونمت وترعرعت بين أحضانه مرفوعة الهامة ومستدامة.

رحل عبدالله بن عبدالعزيز رئيس نادي الفروسية الذي رعى فكرته وحولها إلى واقع وهو الذي ترأس مجلس إدارة النادي منذ أكثر من 49 عاما بناء على تكليف ملكي برقم 2-7602-1 وبتاريخ 19-11-1387 من أخيه الملك فيصل رحمه الله- وجاء في ذلك الخطاب الفروسي التاريخي:

(تلقينا خطاب سموكم المتضمن طلب الموافقة على تشكيل مجلس إدارة لنادي الفروسية وسموكم جدير برئاسته واظهاره بالمظهر الذي نتمناه له) ليتزامن ذلك مع انتهاء الإنشاءت في مقر النادي الذي شيد في حي (الملز) الذي اشتق اسمه من (لز الخيل) وهي المنطقة التي شهدت المراحل الأولى من سباقات الخيل السعودية تحت رعاية الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-.

ومع مرور السنين توجها الملك عبدالله رحمه الله- في مجال التطوير الفروسي وتحديثه باقامة منشآت نادي الفروسية بميدان الملك عبدالعزيز بالجنادرية- والذي يعد من أفضل ميادين السباق في العالم.

ما أصعب القلم وهو يخط بمداده ليكتب عن شخصية عظيمة تربعت في قلوب السعوديين والعرب والمسلمين.

وما أصعب الحديث عن فارس العرب وحكيمها وتاريخ طويل وشاسع من المحطات المضيئة التي غرسها فقيد العرب.

وما أصعب الحديث عن عبدالله الإنسان الذي حل في محاجر عيوننا وسكن في سويداء قلوبنا.

وما أصعب الكتابة التي تقف عاجزة في ان تطال ملكا بهذه القامة بنقائه وإنسانيته وسيرته وسريرته.

كيف الاختصار عن فارس الخيل وعزها وهو الذي ضرب أروع الأمثال وأنبل المواقق لوطنه.

كم كنت عظيما يا عبدالله بن عبد العزيز في حبك لوطنك بعد أن غرست فينا الانتماء ونكران الذات وزرعت فينا روح المواطنة الحقة والناصعة بأقوالك ومواقفك وأفعالك.

افتقدناك أبا وموجها وفارسا ورسول سلام، سنبقى أوفياء لذكراك بعد أن ترجلت عن جوادك ورحلت بجسدك لتبقى محبتك وبصماتك في بلادك في أفئدتنا ما حيينا.

ومن هذا المنبر أطالب رجال الحل والربط بنادي الفروسية بسرعة تخصيص كأس يحمل اسم الفقيد الملك عبدالله بن عبدالعزيز- ويكون مسماه (كأس الملك عبدالله العالمي) وتكون المشاركة فيه من مختلف دول العالم.

رحمك الله يا أبا متعب رحمة واسعه والله ثم والله أننا بفقدك يا صاحب الوجه المشرق الحنون لمفجوعون وعلى فراقك لمحزنون.

فاللهم ارحمه رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى واحشرنا معه مع النبين والصديقين والشهداء الصالحين آمين يارب العالمين، اللهم حلله وأبحه منذ رحيله حتى نبعث إليك.

وعزاؤنا أن من حمل الأمانة بعده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك الوفاء أعانه الله على حمل تلك الأمانة وهو النهج القويم الذي سارت عليه المملكة منذ تأسيسها على يد المؤسس وسلك طريقه أبناءه الخمسة ونسأل الله العون والتوفيق والسداد لمليكنا المفدى سلمان بن عبد العزيز وأن يمتعه الله بالصحة والعافية لتستمر مسيرة البناء والنماء لبلادي الغالية يعينه في ذلك أولياء العهد الصادقين وعلى دروب العطاء والوفاء سايرين.