لولا علمي بأن معالي وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل سيقرأ ما سوف أكتبه هنا؛ لما كتبت؛ غير أن علمي بأن الرجل مطلّع من الطراز الأول على الشأن التعليمي، مما شجعني لأن أكتب إليه بعض الأفكار هنا، وأزعم أنها لن تكون جديدة، وفي نفس الوقت ليست غائبة عن معاليه؛ لكني أجددها للتذكير والتأكيد على أهميتها، ولكونها صادرة من عمق الميدان التربوي، وأعترف أني لن أتمكن من طرح كل ما أريد في مقال لكن هذه دفعة أولى من الأفكار والرؤى، داعيا له بالتوفيق.
1- «المبنى المدرسي» يوجد بيننا اتفاق على أهميته، وأعلم بأن هناك جهودا تبذل لتحسينه، ومشروع تطوير للنهوض بالمبنى المدرسي على قدم وساق، وأعلم بأن مكونات المبنى التعليمي، أمر في غاية الأهمية، فلم يعد مجرد ممرات تحوي غرفا، فهناك مختبرات، معامل، غرف خدمات، مركز مصادر، قاعات وغيرها، لكن المهم من كل ذلك، ما بعد! وأعني «الصيانة» وأقصد بشكل مركز، كيف يمكن توجيه سلوك الطلاب نحو المحافظة على مبناهم المدرسي ليشعروا بأنه جزء من ممتلكاتهم الشخصية، وليس مرفقا عاما، يتم العبث به وبمحتوياته، وبعد ذلك «كيف يتم الاستفادة من المبنى المدرسي في الإجازات» كأندية صيفية، ومقرات للأنشطة وغيرها.
2- «شراكة الإعلام والتربية» في هذا الظرف الراهن بما فيه من أحداث عاصفة، وبما لوسائل التواصل الاجتماعي، والأقنية الفضائية من دور وأثر، إما في بناء، أو تقويض شخصيات طلابنا، فلا يمكن أن ينمو دور المدرسة في منأى عن الإعلام، ولا يمكن أن يكون الإعلام مؤثرا إيجابيا في نفوسهم؛ إذا شطت أهدافه بعيدا عن أهداف التربية والتعليم.
3- «التدريب» هو الذي يمكن المراهنة عليه في رفع كفايات المعلم وهو ركن في مشروع تطوير التعليم، فالطرائق الجامدة، والأساليب العقيمة القائمة على الحفظ والتلقين، لم تعد صالحة، لذا تدريب المعلمين مطلب ملح، وقبل هذا تصحيح نظرتهم نحو برامج التدريب من أجل امتلاك مهارات تدريسية تقوم على الأنشطة الصفية المنوعة، وتفعيل إستراتيجيات التعلم النشط، بما يجعل الطلاب هم من يسعون للحصول على المعلومة، والمساهمة في انتاج المعرفة، بما يمكنهم من كسب المهارات اللازمة للحياة خارج أسوار المدرسة، كي يصنعوا مستقبلهم، ويشاركوا في نهضة بلدهم ويتفاعلوا مع مجتمعهم، فالمعلم لم يعد ملقنا، بل تحول إلى ممارس، متأمل، مرشد، ميسر، موجه، مقوّم لذاته ولطلابه، ولعلنا بالتدريب نحقق شيئا مما نريده في صناعة المعلم المطلوب.
4- «الكتاب الإليكتروني» ملايين الريالات تصرف على الكتب الدراسية الورقية في كل عام، والتي يمكن تحويلها إلى أقراص مدمجة داخل اللوحات الإليكترونية، فهل في الأمر صعوبة؟ في ظني لا، وهل الأمر مربح؟ في رأيي كثير جدا، يكفي أنه سيتم القضاء على الانتهاك السنوي للكتب الورقية ورميها على مفارق الطرق وامتهانها أمام بوابات المدارس، إضافة إلى أن هناك جانبا صحيا سيتحقق؛حين يرتاح الطالب من حمل أوزان من الكتب والكراسات والأدوات المدرسية، وجانبا آخر مهم وهو أن طلاب اليوم يعدون عباقرة في التعاطي مع التقنية، فهم مستعدون، إضافة إلى أن في الأمر فرصة لتعديل توجهات الطلاب للاستفادة من التقنية إيجابيا.
5- «مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم -تطوير» يحمل رؤية شمولية لتطوير التعليم تستهدف البيئة، المعلم، المنهج والتدريب، إلا أن نجاحه مرهون بوجود قيادات تغيير، وبالأخص قيادات فاعلة بمدارسنا، تستطيع أن تدفع عجلة التطوير للأمام، لا مديرين يقفون حجر عثرة في بلورة إستراتيجيات المشروع وخططه بجمودهم، قيادات تغيير فاعلة تُوجد أجواء عملية صحية بمدارسها، تحقق هدف مدرسة المستقبل التي نخطط لها.
6- «تقويم التعليم» لقد باتت الحاجة للعمل وفق مؤشرات الأداء لجميع عناصر العمل التربوي» مشرف تربوي، مدير، معلم، مرشد، والمدرسة ككيان تعليمي» في غاية الأهمية؛ فلم يعد مقبولا أن لا تقاس المنجزات والأعمال، من أجل أن يثاب المجتهد، ويحاسب المقصر أو يستبعد، فالعمل في بناء العقول لا يقبل العاجزين.
7- «تقنين الاختبارات» كثير من دول العالم لا تؤمن بكثرة الاختبارات للطلاب، بل في دولة كالصين مثلا لا يجرى اختبار لطلاب الصفوف الأولية، بينما بقية الفصول يُجرى اختبار لمرة واحدة في الفصل الدراسي، الوضع لدينا خاصة في الابتدائية المتخمة بالاختبارات يحتاج لإعادة نظر.
8- «النشاط المدرسي» رغم كثافة الأفكار، وحماس القائمين عليه، لكنه لم يزل يعاني في سبيل تحقيق مقاصده وأهدافه، النشاط عدا أنه يحتاج لإمكانات مادية، فهو بحاجة إلى ممارسات تترجم حقيقة عند التنفيذ، لنتجاوز التسجيل الكتابي فقط، فأمامنا كتربويين فرصة لتعديل توجهات، وتصحيح سلوكيات، وبناء قيم دينية واجتماعية، وتعزيز منهج الاعتدال والوسطية، والحوار، ودعم الانتماء الوطني والولاء للقيادة عن طريق ممارسات مناشطية تطبيقية، يا ليت الأسابيع الوطنية تعود.
حقيقة الحديث يطول عن «المقصف المدرسي، نصاب الحصص، مادة التربية البدنية وإمكانية تزويد نصابها، المرشد الطلابي، المكتبة المدرسية «ولا يمكن لي عبر مقال واحد الحديث عنها؛ غير أني سأدعها -إن شاء ربي- لمقالات قادمة، أسأل الله لمعاليه التوفيق فالمهمة ليست سهلة، والنجاح فيها ليس مستحيلا أمام النوايا الصادقة، والإرادة القوية «وكما قيل»
ومن تكن العلياء همة نفسه..
فكل الذي يلقاه فيها محبب»
محمد بن إبراهيم فايع