إنه المصاب الجلل، إنه الأجل المحتوم على كل إنسان في هذه الحياة الدانية الفانية. حينما لا يبقى إلا وجه الله الخالق العزيز الحكيم مالك الملك والروح المصوّر بالأرحام. سبحانه وتعالى, الذي خلقنا من تراب ثم يعيدنا إليه تارة أخرى. ولا راد عن قضائه.
فجعنا وهي الفاجعة الأليمة, بنبأ وفاة ملكنا والدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز. والذي ما إن أذيع النبأ من الديوان الملكي إلا وبكت القلوب وهلّت المآقي لفراق الملك الصالح الذي أحب شعبه وأخلص له وبادله الشعب حباً وطاعة وإخلاصاً. ملكاً باراً رحيماً شهماً، المبادر دائماً بالسؤال عن أحوال مواطنه, حتى وهو على فراش المرض.مات العظيم القائد الذي قاد وطنه وشعبه بسلام، رغم العواصف والكوارث التي ألمت بالوطن العربي. نأى ببلده بعيداً عن المكائد والدسائس والحروب, وصان لنفسه مكانة سامية بعدم التدخل بشؤون الآخرين، بل كان سنداً قوياً لإخوانه العرب بجمع شملهم ويوحّد كلمتهم في كل ما قام به من زيارات لهم ودعوتهم لبيت العرب «الرياض» شغوفاً بتلمس طلبات الأمة العربية والإسلامية ونصرتهم في كل الأزمات والشدائد. حتى أضحى اسم خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز. نبراساً شامخاً للحكمة والرأي السديد تؤخذ مشورته ويقتدي بنهجه.
إن ملكنا الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.. تغمده الله برحمته الواسعة.. من الملوك العظماء الذين سيخلدهم التاريخ الخادمين لشعوبهم. وقد اختصه الله بخاصية خدمة البيتين الشريفين. تحت ذلك الاسم الكبير الشريف - خادم الحرمين الشريفين- وقد حظي المسمى بمقامة كبيرة وبشهرة فائقة في أوساط الأمة العربية والإسلامية. وقد كان - رحمه الله- أحب إلى نفسه أن يُقال له - خادم الحرمين الشريفين.
عبدالله بن عبدالعزيز. وأن غاب الجسد فإن صورتك ستبقى في عيون شعبك وأمتك العربية والإسلامية, ناصعة البياض. أمتك التي نافحت عنها في خطبك وقراراتك الصائبة ووقفت معها كالطود الشامخ تذود عنها وعن عروبتك غيلات الأيام والليالي العجاف فكان دعمك المعنوي والمادي شاهداً لك في كل المحافل الدولية. والأمثلة كثيرة أيها الراحل العزيز طيّب الله ثراك.
إننا إذ نودعك إلى مثواك الأخير فإننا لن ننساك ملكاً إنساناً خدم وطنه وشعبه, وشهدنا بعهدك أعظم الإنجازات والمشاريع التي تواجدت بعهدك الميمون عهد الرخاء والسعادة. عهد الانفتاح على العالم في محاكاة معه نحو السياسة الراجحة المتزنة, نحو الاقتصاد المذهل الزاهر والعلم القيم والمعرفة الجمة.. فدخلنا عصر التكنولوجيا الحديثة في بناء المؤسسات الخدماتية, ونستظل بظل الله وظل راية وطن واحد وشعب رضي متحد على السمع والطاعة لولاة أمره. الذين يتفانون بكل حب وإخلاص للمواطن في كفل سلامة العيش والمعيشة وأمناً وأماناً. وهذه لعمري لنعمة كبرى أسداها الله لهذا الوطن والشعب الكريم... إنني لن أستطع أن أعدد مآثرك القيمة العظيمة والنعم الجليلة التي أسبغتها على وطنك وشعبك..!! رحمك الله رحمة واسعة وجعل مثواك في جنة الخلد مع الأبرار الصالحين آمين.
(إنا لله وإنا إليه راجعون).