تخالجني مشاعر الحزن والفرح . الحزن لأننا نودع عبدالله بن عبدالعزيز , والفرح لأن الملائكة ستستقبله بحول الله إلى جنات النعيم . انتقل مليكنا من دارٍ إلى دار بعد عناء في الدنيا , وآن له أن يحيا في جناتٍ نعيم.
عندما نتحدث عن عبدالله بن عبدالعزيز , فنحن نتحدث عن أب , عن أخ وصديق كان يعيش معنا ببساطته يتلمس احتياجاتنا فعلاً, لم أجد ملكاً يطلب دعاء شعبه له .. لم أجد ملكاً يقول : ما أنا إلا خادم لكم.
عبدالله بن عبدالعزيز , كان همه التيسر على المسلمين أداء مناسكهم في مكة المكرمة , فكانت أكبر توسعة للحرمين المكي والمدني في عهده , وهاهو يذهب رحمه الله , في الوقت الذي كان يتمنى مشاهدة الحرمين وقد صارا في أبهى حلة لاستقبال ملايين المسلمين .
عبدالله .. لم يكن إلا عبداً لله مؤدياً أمانته تجاه المسلمين في كل بقاع الأرض , فليس هناك مكان في هذا العالم إلا ووصلت إليه يده البيضاء .. بل كان يقارب وجهات النظر بين العالم فأسس لذلك حواراً للأديان , وأصلح بين المسلمين في الحرم المكي وفي مجالس الرؤساء .
عبدالله .. أعطى المرأة حقوقها فجعلها تعطي صوتاً في مجلس الشورى , وغداً في المجالس البلدية . عبدالله , عندما قالوا إن ما أصابه في مرضه يسمى بـ : عرق النسا , قال : (ما شفنا من النساء إلا كل خير) فكانت رسالة حقوقية تجاه المرأة وإعطائها مجالها في الدولة .
عبدالله بن عبدالعزيز .. رجل صدق مع نفسه فأحبه الناس , وبكى عليه البشر والصخر . . فكل المساجد تدعو له وكل المنابر والساحات تذكر محاسنه . هذا الملك الغالي لم يكن طبيعياً .. هذا الرجل جمع الإنسانية ووضعها في قلبه , وكان عقله موظفا للإحسان للناس فقط وإعطائهم حقوقهم .
بهذه الكلمات لا نستطيع إلا أن نقول رحمك الله أيها الطيب , رحمك الله أيها الصالح , وإلى جنات الخلد يا ملكنا الغالي.. عبدالله.
- عبده سيد