من نعم الله على هذه البلاد أن منَّ الله عليها بقيادة حكيمة على يد ولاة أمر رعوها حق رعايتها منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود رحمه الله الى يومنا هذا في ظل حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.
وكل عاقل يدرك ما وصلت اليه هذه البلاد والحمد لله في العصر الحاضر من تطور في مختلف المجالات التي من أهمها إعمار الحرمين الشريفين ومجالات التعليم والصناعة والزراعة والتجارة والصحة ووسائل الاتصالات وتلك الانجازات الصحية التي تشهدها بلادنا تتحدث عن نفسها... جزى الله القائمين عليها خير الجزاء.
إن رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز هذا الحدث الجلل لهو فجيعة للأمة العربية والإسلامية، فهو رجل من أكابر رجالاتها حيث شكلت مسيرة حياته نموذجا فريدا للعطاء بلا توقف وللقيادة الواعية الرصينة والحكيمة آل على نفسه النهوض ببلادنا الغالية وبذل الجهد والمال والوقت لبناء النهضة العصرية للمملكة وتوحيد ولم الشمل العربي والإسلامي، وكانت له على مدى حياته أياد بيضاء على العمل الخليجي والعربي والإسلامي والدولي... كان نموذجاً عظيماً لأمة عظيمة.
إن رحيل الملك عبد الله بن عبدالعزيز - طيب الله ثراه - يمثل خسارة كبيرة للأمة العربية والإسلامية ، فقد ورث الراحل الكثير من صفات والده الملك عبدالعزيز وهو أعظم الشخصيات في تاريخ المملكة العربية السعودية والمؤسس الأول للدولة وبانيها على الدين والأخلاق والإيمان.. هذا العبقري الذي وحد الجزيرة مكانا وإنسانا وأخذ أبناؤه من بعده أساليب ومهارات وسمات القيادة الحقة التي تمثلت في الإيمان بالله واتخاذ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام القدوة الحسنة المتمثلة في ثقته الكبيرة بالنفس ورؤاه البعيدة التي يسعى لتحقيقها والعقيدة التي يسعى بكل جهده لنشرها، وهي العقيدة الإسلامية الوسطية السمحاء والقدرة على إقناع الآخرين وجذبهم معه.
إن الكلمات لتحتبس وتجف العبارات عندما يقف الإنسان عاجزاً عن رحيل ملك القلوب وحكيم العرب أبو متعب ـ رجل الوفاء... رجل الفروسية والشهامة والنخوة العربية الأصيلة.. رجل المواقف الصعبة - قدم الكثير والكثير ولم يأل جهداً في خدمة دينه ووطنه... فأوفى وتسامى بالرقي فأبدع... فلا الكلمات جادت ولا الحب و المشاعر فادت... فوداعاً أبا متعب.... رجل الأمة... وداعاً أيها الفارس الذي تجمعت فيه معاني الخير والحكمة والأصالة ، وتجسدت فيه ما اختلف حوله المفكرون والباحثون عن مدلولات الخير، فهو الملك الإنسان الذي أوقف جهده ووقته، بل أوقف عمره - رحمه الله - في خدمة الميدان الإنساني، إنه كان شمعة تحترق لتضيء الدرب للآخرين ومصباح متقد ستسير على سناه الأجيال، فهو حقاً فخر لكل مواطن على ثرى هذه البلاد. إن هذه المساحة المحدودة لا تتيح لي ولا لغيري بسرد قسط - ولو يسير - من مآثر شخصية مقامه الكريم، فحسبنا في ذلك استنطاق إنجازاته التي لا تخطئها عين الرجل البسيط، استنطقوا الصحة، الاقتصاد، التجارة، أعمال الخير، خدمة العرب والمسلمين لم شمل الأمة العربية لتحدثكم عن أبا متعب ، عن فضله ومآثره، سلوها لتجيبكم إجابة صامتة ولكنها أصدق وأبلغ من أي مقال ولو كان كاتبه ممن يملك ناصية الأدب والبيان والبلاغة، واستنطقوا - إن شئتم - الحرس الوطني تلك القلعة الشامخة التي أخذت من عمره الكثير.. خدمة لدينه ووطنه.. نالت غاية التطوير والإنجاز، استنطقوه، واستنطقوا ما فيه من مظاهر التجديد والتحديث والرقي وما حظي به من التطوير. كل هذا الذي ذكرناه وغيره، لا يمثل إلا قطرة من فيض من إنجازات الراحل رحمه الله تعالى... هذا الملك الصالح الخيّر الكريم... فمآثر الملك الراحل وفضله علينا - نحن منسوبي الصحة- كثير كثير ولا يمكن أن يختزل في تصريح مثل هذا.. ولكن حقه علينا أن يسجل الوطن تاريخه في سفر مبارك وكتاب يرصد هذه السيرة العطرة للقدوة الحسنة.
حفظ الله بلادنا الغالية ومليكنا وأدام علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء إنه سبحانه وتعالى سميع مجيب.
د. توفيق أحمد خوجة - المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون