لقد تلقينا خبر وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمة الله عليه- ببالغ الأسى والحزن، وهذا الفقيد -رحمه الله- ليس فقيد المملكة العربية السعودية فحسب، بل هو فقيد الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، لقد سطر في حياته -رحمه الله- أعظم المواقف التي لن ينساها التاريخ على مدى العصور فهو الملك الذي يلقب بملك الإصلاح وملك الإنسانية وملك العدالة، تنوعت اهتماماته التي تعددت من إصلاح وترتيبات سواء على مستوى الوطن والمواطن والأسرة المالكة... فذلك الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان يتفقد أحوال الفقراء صباحاً ومساءً... ويهتم بتوسعة الحرمين الشريفين ويقوم بخدمة الوطن والمواطن.. بل في أشد الحالات الصحية حرجاً سعى إلى لمِّ الأسرة العربية والإسلامية من خلال إصلاح ذات البين بين الفرقاء سواء أكانوا عرباً أو مسلمين، وكان -رحمه الله- أول من سعى ودعا إلى فكرة الحوار بين الأديان والتسامح بين الحضارات، وكان أول من نبه إلى خطورة الإرهاب على كل الدول والمجتمعات، وقد كان -رحمه الله- مثالاً يحتذى به على المستوى الإنساني والشخصي والقيادي، حيث سعى إلى رفع شأن الوطن والمواطن السعودي في المجالات كافة، ومختلف دول العالم.
وحقيقة الأمر أن شمائل الراحل... لا تتسع لها مجلدات كاملة، فضلاً عن أن تكون موجزة في كلمة قصيرة، إلا أننا لا نملك إلا أن ندعو الله -عز وجل- له بالرحمة والغفران، وأن يلهم الأسرة المالكة والشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية الصبر والسلوان... و»إنا لله وإنا إليه راجعون».
ولا يسعنا إلا أن نقول من أعماق قلوبنا الثكلى فقدان هذا الغالي وداعاً ملك العدالة والإنسانية... وداعاً ملك الفروسية وفارس الفرسان.... وداعاً ملك المواقف والحكمة... وداعاً يا من بفقدك فقدت الأمة... العربية والإسلامية أحد حكمائها ورجال إصلاحها في العصر الحديث.. وداعاً أيها الملك الغالي في توديعك والدعاء لك وأنت بجوار ربك.
وعزاؤنا بفقيد الوطن هو بالملك سلمان بن عبدالعزيز الذي يتميز بالحكمة والشجاعة والخبرة السياسية والاجتماعية التي يمتلكها عن أب وجد، فضلاً عن كونه حاكم نجد وأمير إمارة الرياض مدرسة الحكام التي تولاها أكثر من خمسين عاماً التي تؤهله لقيادة الأمة على نهج من سبقه من حكام الأسرة المالكة... ندعو الله له بالتوفيق ولولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، أن يوفقهم جميعاً لخدمة دينهم ومليكهم ووطنهم، وأن يأخذ ويوفق ولاة الأمر لخدمة هذا الوطن ويرفع من عزة الشعب السعودي على أيديهم.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يحفظ بلدنا وأن يجعله واحة أمان وأن يجعله مستقراً آمناً بفضله تعالى، وأن يجعل قبر الملك الراحل ملك العدالة والإنسانية روضة من رياض الجنة آمين يا رب العالمين.