حماس طالباتي وتسابقهن لحفل الشواء أثار بداخلي شغف لخوض تجربة جديدة معهن، بعيداً عن جدران الصف وبعيداً عن المناهج العلمية والتعليمية، جميل أن تخوض المعلمة تجارب مع طالباتها، وتسعد بالتقرب إليهن وسماع أحاديثهن الشيقة والجلوس بجانبهن على سجاد واحد، تشتمُ رائحة الشوي الزكية، التي تنعش الفؤاد برائحة مرتبطة بالترفيه والإنس بعيداً عن صولة المدرسة وانضباطها اليومي، فترى أيادي الطالبات الصغيرة من: «تتبل ومن تقطع ومن تشوي ومن تنظف ومن توزع»، كل واحدة منهن لها مهمة ومسئولية، في تآزر ينمي روح الجماعة وروح الفريق الواحد.
رغم أنني لم أنظم الطالبات، ولم أفعل شيء سوى الإشراف والمراقبة الصامتة، والنظر من بعيد، إلا أن الانضباط والتنظيم كان متسلسل بين الطالبات، نزول للساحة هادئ، سرعة الترتيب وتوزيع المهام، فريق منضبط بقيادات هادئة وحفلة شواء لذيذة وناجحة بكل المقاييس.
كم أسعدني ذلك كثيراً، شعرت أن السعادة ليست بالكشتات وقطع مشوار بعيد للبر، بل السعادة في تقاسم اللحظات الجميلة والابتسامات الصادقة مع طالباتي، نعمة نحسد عليها فهي لا تقدر بثمن، لكن للأسف البعض افتقدها ولم يشعر بها ولن يشعر بها، ما دام وضع الجسور والحواجز بينه وبين طلابه، وأساء التعامل معهم بفظاظة لا يقبلها على أبنائه.
لم يعد ينفع التهديد فأبنائنا تطوروا مع تطور العالم أصبح لهم فكر وروئ، أصبح لهم شخصيات قوية تحتاج للاحتضان بعيداً عن الوعد والوعيد، والتسلط الأستاذي العقيم.كيف تغيرت المدرسة وتقلص الغياب بسبب الحوافز المشجعة للانضباط المدرسي، من شهادات تكريم ورحلات وحفلات شواء، منهج أعجبني في تقليص مشكلة الغياب الجماعي للطلاب في أسبوعي المراجعة قبل فترة الاختبارات، المشكلة التي ظلت تؤرق المشرفين بالتعليم طيلة سنوات مضت.
تجربة تستحق الاحتذاء بها لمن يعاني من كثرة الغياب الطلابي في بعض الأوقات المتعارف عليها بكثرة الغياب الطلابي، لكن بقي تحفيزنا نحن المعلمين والمعلمات فهل لنا برحلات وحفلات، أم بمكافأة مالية تساعدنا وتسعدنا.