بلادنا ولله الحمد والمنة قامت على العقيدة الصحيحة والدعوة لدين الله عز وجل على علم وبصيرة والحوادث الإجرامية من الفئة الضالة التي أفسدت في الأرض، وخرجت عن جماعة المسلمين تصدى لها المصلحون من العقلاء والعلماء والحكام وبينوا ضلال تلك الفئة وحذروا من فسادها وتغريرها بالشباب والجهلة وقد نشأ هذا الفكر المنحرف الذي يحمله المغرر بهم بأسباب منها الجهل بدين الله والإنحراف في فهم الكتاب والسنة وأيضاً إتباع الشبهات مما يؤدي إلى خفاء الحق وعدم ظهوره والغلو في الدين والتشدد ومن أسبابه أيضاً التعصب الأعمى للآراء والأشخاص والمذاهب مما يحول بينهم وبين معرفة الحق بدليله، ومن أسبابه الطعن في ولاة الأمر والعلماء ورميهم بالمداهنة وإساءة الظن بهم، مما حرمهم من العلم النافع ومن أسبابه أيضاً المسارعة إلى التكفير على غير هدى ولا علم ولا تثبت وقد نهينا عن ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (من دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) متفق عليه.
وهؤلاء الخوارج حادوا عن الحق والصواب وفارقوا جماعة المسلمين وخالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهم متوعدون بالنار إلا أن يتوبوا ويرجعوا إلى الحق لقد فجروا أنفسهم وروعوا الآمنين ووقعوا في مفاسد عظيمة من تلك المفاسد أنهم قد أقدموا على الانتحار وباشروا قتل أنفسهم بأيديهم وكذلك فانهم قتلوا الأنفس المعصومة من المسلمين والمستأمنين.
أيضاً من المفاسد المترتبة على أفعالهم الشنيعة تلك إتلاف الأموال المعصومة بغير وجه حق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت) متفق عليه. ومن المفاسد المترتبة على أفعالهم تلك تشويه صورة الإسلام والمسلمين عند غير المسلمين وعند الجهلة من المسلمين الذين يرونهم في هيئة أهل الخير والصلاح ولا شك أن العبرة ليست في الهيئات والصور إنما العبرة باتباع الشرع.
وأيضاً من أعظم المفاسد زعزعة الأمن وما يترتب على ذلك من الخوف وحصول الفوضى والتشتت وتعطيل مصالح المسلمين وكذلك من أعظم المفاسد المترتبة على أفعالهم تلك نزع يد الطاعة من ولي الأمر فلا يرون البيعة له وهذا هو دين الجاهلية قال صلى الله عليه وسلم: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) رواه مسلم.
وأعظم ما تحارب به هذه الأفكار الهدامة والدعوات المضللة هو العلم النافع المتلقى من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تَعَالَى: {وَلَا يَأْتُونَك بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاك بِالْحَقِّ وَأَحْسَن تَفْسِيرًا} والمثل يعم كل ما يقدمه أهل الباطل من شبهة أو مذهب أو دعوة فإن كل ذلك يكشفه العلم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فالواجب على أهل العلم البيان وعدم السكوت والحرص على الاهتمام بالشباب وتعليمهم العلم النافع وترغيبهم في الخير ولزوم الجماعة وترك النزاع والفرقة وتحذيرهم من مكائد الأعداء ودسائسهم، والأخذ على يد من لم يرجع إلى الحق درءاً للشر وحماية للمسلمين من إفساده، ثم إني أدعو الذين خرجوا على المسلمين أن يعرضوا ما هم عليه على عقيدة أهل السنة والجماعة التي ذكرها شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه «الواسطية» حيث قال: (ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً، ويحافظون على الجماعات ويدينون بالنصيحة للأمة).
فأوصي نفسي وإخواني من الشباب وغيرهم بتقوى الله والوقوف عند حدوده والتوبة الصادقة من جميع الذنوب والمعاصي لأن هذه المصائب والنكبات التي تحدث إنما هي بسب الذنوب والمعاصي، كما قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} وهذه الأفعال المحرمة مخالفة للنصوص الكثيرة المتواترة الآمرة بالسمع والطاعة لولاة الأمور في المعروف ولما فيها من الفساد العظيم والفوضى والإخلال بالأمن فنصيحتي لهؤلاء ومن تأثر بأفكارهم ومناهجهم المنحرفة أن يعودوا ويتوبوا وستكون لهم العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل وعليهم أن يحذروا ممن يلبس عليهم دينهم ويلقي عليهم الشبهات من دعاة الضلالة والمتعالمين الجهلة وعليهم أن يعلموا أن هذا الطريق الذي ساروا عليه ترتب عليه فساد عظيم وشر مستطير من إفساد في الأرض وقتل للأنفس المعصومة وخروج على الإمام وإحداث للفتنة وتشويه للإسلام وصورة المسلمين في العالم، والله المسؤول أن يحفظ هذه البلاد من كيد الفجار وشر الأشرار، ونسأله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكومته لما فيه صلاح البلاد والعباد وقمع الفساد والمفسدين، وأن ينصر بهم دينه، ويعلي كلمته، إنه سميع الدعاء، قريب الإجابة.
- عضو هيئة التدريس بجامعة شقراء