مفهوم «عدم الصلاحية» يجدر بنا أن لا نوقفه عند حدود صلاحية المواد الغذائية، أو العقاقير الطبية، أو المنتجات الصناعية، إنما يتعداها إلى صلاح فئة مسئولة أمام الناس لا سيما من هم مكلفون بمتابعة أمور الصحة والدواء، ومراقبة الغذاء، ورعاية التعليم، أي أن الصلاحية ومستوى الجودة ضرورية، بل هي المعيار الحقيقي للتميّز والنجاح.. فمتى ما أخل فيها أو تجاوزها فإنه يتعين تغييره بمن هو أفضل منه في هذا المجال.
فهذه المقولة - عدم الصلاحية - نتناولها ونحن نتابع اكتشاف بعض الحالات المتعلقة بعدم صلاحية وكفاءة بعض العاملين (محاضرين وأساتذة مساعدين) بجامعة الملك خالد بمنطقة أبها، حيث أطاحت الجامعة مشكورة بأحد عشر أستاذاً جامعياً، حينما علمت بتردي مستواهم العلمي، واتضح من خلال التقارير والمتابعات أنهم غير مؤهلين للعمل كمحاضرين وأساتذة، فتم استبعادهم بحمد الله.
وتعد هذه الخطوة من قبل جامعة الملك خالد رائدة ومثمرة في مجال تصحيح مسيرة التعليم الأكاديمي في بلادنا، وهي مرحلة مهمة من مراحل التقييم والتحقق من جودة وفاعلية العاملين، ومحاربة حملة الشهادات الوهمية والمزيفة، الذين استطاع بعضهم تسلق سلم العمل الأكاديمي، وتسلل بعضهم الآخر إلى الحقول التربوية، وهم ليسوا أكفاء أو مؤهلين تأهيلاً علمياً سليماً.
فقد وقف الجميع على تواضع تجاربهم، وضحالة طرحهم، وفقر معلوماتهم من قِبَلِ الطلاب قَبْلَ مسئولي الجامعة، مما نتج عن هذا التعاون تشكيل لجنة لمتابعة هؤلاء، وعرض هذه النتائج على المسئولين في حقول التعليم عبر التقارير المباشرة، وخبر استبعادهم أو فصلهم لم يكن سرياً، ولم يحجب الأمر عن وسائل الإعلام، وقنوات التواصل الاجتماعي، بل صدرت قرارات الجامعة بحقهم بكل وضوح ودون مواربة.
وقد بني هذا القرار المهم للجامعة على ما توصلت إليه من نتائج وعلى خلفية تنامي شكاوي الطلاب ضد هؤلاء المحاضرين الذين شك الجميع في قدراتهم مما دعى الجامعة إلى تقصي أوضاعهم، ليتم اكتشاف ضعف مستواهم الأكاديمي بخلاف ما هو مدون في سيرهم العلمية والتعليمية.
وهذا الأمر يعيدنا إلى أمر تم تناوله قبل نحو عامين حينما كُشف النقاب آنذاك عن مئات من حملة الشهادات الوهمية والمختلقة، الذين يجدر بالجامعات في مختلف المناطق أن تحذر منهم، على غرار ما فعلته جامعة الملك خالد, ممثلة بمديرها الدكتور عبدالرحمن الداود واللجنة الطلابية الذين ساهموا مشكورين في كشف هذه الفئة.
ولم يتوقف هؤلاء للأسف عن مسألة تسلق سلم التعليم الجامعي، أو البحث عن وظيفة، أو منصب، إنما باتوا يغزون العمل الثقافي، ونعرف أن هناك جهات ثقافية وأدبية تستقطب هؤلاء، وهم لا يحسنون صنعاً في العمل التعليمي، فكيف بهم في رحاب الثقافة والأدب؟!.. حتى أن هناك من رُفِضُوا في الجامعات وقُبِلُوا في مجالس الأندية الأدبية، إلا أننا هنا نؤكد على أن هؤلاء - بحمد الله - قلة، وقد يعدون على الأصابع، لكن إبعادهم ومقاومة عبثهم مهم وضروري، وأمانة في أعناق هؤلاء المسئولين الذين يسعون إلى بناء الوطن وإزالة الشوائب فيه.
وليت الجامعات الأخرى تنتهج أسلوب جامعة الملك خالد، لكشف هؤلاء، وذلك من خلال تعزيز العلاقة بين الطالب الجامعي والإدارة، حيث يمكن للطالب المتميّز كشف بعض هؤلاء الأساتذة المزعومين، أو بعض المحاضرين، أو بعض المشاركين الذين يغيبون عن طلابهم ويقفلون مكاتبهم في الكليات لعدة أسابيع بحجة أنهم يدعون إلى لقاءات ثقافية وأدبية، حتى وإن كان ليس لها علاقة بالتعليم أو الدراسات الجامعية.