من يُدقق ويتمعن في جل عروض الوظائف كبيرها وصغيرها، وما تحمله من وعود متنوعة قد لا تتناسب وحجم ما تبدو عليه هذه الفرص الوظيفية التي ينتظرها الكثير من طالبي العمل.. فحينما نتأمل هذه العروض لابد لنا إلا وأن نرسم الكثير من الاستفهام، ونطرق معاً أبواب الأسئلة عن سر كثرة وشيوع هذه العروض لاسيما في مجال وظائف الحراس والعمال وفي مختلف التخصصات وفئات المجتمع رجالاً ونساءً.
فقد تبدأ طاقات هذه الأسئلة في التعلق بنا وبوعينا وبعقولنا.. فهل بتنا في حاجة إلى كل هذه الوظائف؟! مع تجنيد طاقات هذه المؤسسات والشركات وانتظار وعودها بأن هناك وظائف متاحة سيتم الإعلان عنها!!.. لكننا نفاجأ -للأسف- بأنها من قبيل الحلم أو قبض الريح؛ حتى أن بعض الجهات باتت تطلب في مثل هذه الإعلانات شغل وظائف معينة كحراسات الأمن في شقيها الرجالي والنسائي والتي تبدو بالمئات، وكأننا -لا سامح الله- نمر بحالة غير آمنة، أو أننا سنُجَنِّدُ مع كل مواطن أو اثنين حارس أو حارسة أمن.. فما يهون هذا الأمر أن أوضاعنا الأمنية ولله الحمد مستقرة وبخير.. إذاً فما سر هذه التزاحم في عرض وظائف الحراس والحارسات أضف إلى ذلك كثرة الإشارة إلى فرص عمال النظافة والعاملات؟.. فمع أهمية هذه الوظائف للمجتمع إلا أنه من المفيد أن تكون متسقة مع ما ينتظره الشباب من وظائف تلبي احتياجاتهم.
فلا تخلو وعود وأحلام هذه الوظائف وطلبات التوظيف من خلال وسائل الأعلام بمختلف أنواعها، مع أجهزة التواصل الاجتماعي من هذه العروض التي تحركها عجلة القطاع الخاص على نحو خاص، أي أنها غالباً ما تكون لصالح جهات خدمية أهلية، مما يجعلك تستشعر أن أسباب كثرتها والظن بتوافرها هو من قبيل رسالة ما تؤديها هذه القطاعات نحو الجهات التي تتابع مسألة توطين الوظائف، والنطاقات التي تسعى وزارة العمل إلى تفعيلها.
وقد يأتي معك من يحدس أو يتوقع أو تزعم -والزعم هنا ليس كذباً- أن هذه الوظائف المفترضة والإعلان عنها بكل الوسائل المتاحة بشكل كبير هو لمجرد الاستهلاك اليومي للأنماط التواصل مع الناس ودرء مقولات أن هذه المؤسسات والشركات لا توظف أحداً من المواطنين، أو أنها تسعى لإحداث هذه الوظائف ومن ثم جلب العمالة لها في حالة عدم تقدم أحد لها من المواطنين، مما يجعل العملية مجرد استعراض فقط لأرقام الشواغر الوظيفية.
ومن يتأمل شروط شغل هذه الوظائف التي يعلن عنها يجدها عالية وربما أحياناً تعجيزية، وأحياناً تكون مفصلة لأشخاص معينين على نحو الشهادة الجامعية أو شهادات التدريب أو الخبرة العالية وما إلى تلك الشروط.. فمن أين لنا أن نُحْظِرَ لهذه الشركات والمؤسسات الخدمية مواطنون شباب ذوي خبرة عالية وتراكم زمني وشهادات جامعية أو ثانوية عامة في مجال الحراسات والعمل المهني وهم العائدون لتوهم من تعليم متعثر في الأرياف والقرى؟.
وحينما تلتفت إلى القطاع الحكومي المعني بأمر التوظيف والتعيين فإن بعضها لم يتخل بعد عن أسلوبه المتعثر في عرض الوظائف، على نحو وعيده للمتقدمين للكثير من الوظائف، بل إن هذه الجهات قد تهدد باستبعاد الكثير من طالبات خدمة توظيف، وكأنها خصم لطالب الخدمة، فمن الواجب أن تساعد هذه الجهات أبناء الوطن على البحث عن وظائف مناسبة، وأن تطبق النظام واللوائح ليستفيد الجميع.