أثناء دراستي في الولايات المتحدة، وبينما كنت مع زملائي في قاعة المحاضرة ننتظر قدوم الدكتور المحاضر وإذا بي ألمح رجلاً تجاوز الستين من عمره يدخل القاعة وهو يحمل بندقية على كتفه، لم يبد لي من هيئة هذا الرجل أنه أستاذ جامعي، هممت حينها بمغادرة القاعة خوفاً لكني تريثت، وفجأة بدأ هذا الرجل في وضع خده على البندقية وأخذ وضع التصويب، في تلك اللحظة استرجعت ذاكرتي مواقف ظهر فيها معتوهون في أمريكا وهم يدخلون مكاناً عاماً حاملين سلاحاً ويبدأون في القتل العشوائي. وفي لحظات أطلق هذا الرجل رصاصة دوي صوتها في المبنى. لا تذهبوا بعيداً، فالرجل الذي دخل القاعة حاملاً بندقية كان هو فعلاً مدرس مادة الفيزياء التي كنت أحضر إحدى محاضراتها. أما لماذا كان يحمل على كتفه بندقية فلأنه كان يريد أن يشرح لنا مفهوماً فيزيائياً. أطلق الدكتور المحاضر رصاصته نحو صندوق خشبي مغلق تماماً وممتلئ بالماء. اخترقت الرصاصة جدار الصندوق الخشبي لترغم الماء على دفع جدران الصندوق الخشبي، مما جعل الماء وقطع الصندوق تتناثر في الهواء وتسقط علينا نحن الطلاب. هذه التجربة الحية رسّخت في ذهني مفهوماً فيزيائياً لن أنساه ما حييت.
في المقابل أتذكر أني دخلت فصلاً هنا في بلادي حيث وجدت معلماً للعلوم يشرح لطلابه مفهوم أمواج الصوت، وذهلت عندما سمعت المعلم يقول لطلابه: افتحوا الكتاب صفحة 43، من يقرأ يا شباب، وتطوّع أحد الطلاب بالقراءة واكتفى بقية الطلاب بالسماع وكأنّ على رؤوسهم الطير، هل هذه الصورة تقول لكم إننا في انتظار قدوم علماء سعوديين؟