يبدو أننا ندفع ثمناً فادحاً للرفاهية التي نتمتع بها (أو نعاني منها) في هذا المجتمع، ويتجلى ذلك في الأمراض الفتاكة التي تنخر في أجسادنا الكسولة المترفة! لا فرق في ذلك بين النساء والرجال أو الأطفال والمسنين. الكل يشكو من الأمراض، ومعظم الأمراض هي أمراض المجتمعات المُرَفَّهة التي لا تُعاني منها معظم المجتمعات في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها من البقع التي تُناضل لنيْل الحد الأدنى جداً من المعيشة.
يقول الدكتور سامي محمد بادواد مدير عام الشؤون الصحية بمحافظة جدة إن إحصائيات منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن المملكة تحتل المركز الثالث بين دول العالم في معدل الإصابة بمرض السكري.. ويقول الدكتور ناصر الجهني رئيس اللجنة التنفيذية للجمعية السعودية للغدد الصماء إن عدد المصابين بمرض السكري بالمملكة تجاوز خمسة ملايين مصاب!
معروف أن مرض السكري هو من الأمراض التي تنتشر بشكل رئيس في المجتمعات التي يعاني أفرادها من السمنة وقلة الحركة واستهلاك الأطعمة المشبعة بالزيوت والدهون والسكريات والمقادير الكبيرة من النشويات واللحوم؛ وهذا هو الحاصل في مجتمعنا المُرَفَّهْ.
هناك أمراض مزمنة أخرى تفتك بمجتمعنا مثل أمراض القلب والأورام والضغط، وهي كلها أمراض تنتشر في المجتمعات المُرَفَّهة لكنها تكثر في الشريحة المسنّة في تلك المجتمعات، بينما هي منتشرة لدينا في جميع الشرائح العمرية.
ويمكن لنا أن نتخيل النتائج الفادحة المترتبة على انتشار هذه الأمراض، فبالإضافة إلى المعاناة الإنسانية للمرضى، يتكبد المجتمع بكامله تكاليف كبيرة تتمثَّل في الإنفاق الهائل في معالجة هذه الأمراض، وما ينتج عنها من أمراض أخرى وإعاقات وكذلك ما يترتب عليها من انخفاض في إنتاجية الأفراد وضعف أدائهم أو توقفهم عن العمل بالكامل.
نحن بحاجة إلى صحوة اجتماعية وتثقيف صحي للتصدي لهذه الأمراض. لا يكفي أن تُبث برامج التوعية التقليدية، بل يجب إشراك الناس في نقاش اجتماعي جاد تقوده جهات محترفة ومتخصصة تكون نتيجته ليس فقط معرفة طرق الوقاية من الوقوع في هذه الأمراض، وإنما كيف نعوِّد أنفسنا على الالتزام بتطبيق ما نعرفه من معلومات عنها.