توجد فرص غير محدودة لتوسيع دائرة النشاط الاقتصادي في بلادنا والتخلص بشكل تدريجي من الاعتماد شبه الكلي على استخراج النفط الخام وتصديره إلى الخارج. وقد كان تطوير نشاط الصناعات البتروكيماوية وما تفرع عنه من أنشطة ثانوية ورديفة نموذجاً لما يمكن أن نفعله لتطوير اقتصادنا وإبعاده عن الاعتماد المفرط والكبير على تصدير النفط الخام.
ولا نحتاج في جميع الأحوال أن تنهض لدينا صناعات وأنشطة وكيانات عملاقة بحجم سابك أو الصناعات البتروكيماوية، فالأنشطة التي تمارسها منشآت اقتصادية صغيرة ومتوسطة هي أيضاً يمكن أن تؤدي أدواراً مهمة في تنويع البنية الاقتصادية وقد يفوق تأثيرها نظيره الذي تؤديه المنشآت الكبرى.
كنتُ أتابع منذ بعض الوقت باستغراب شديد تعثر بعض المشروعات الصناعية المرتبطة بالحج، وهي مشروعات طال انتظارها على الرغم من أن نجاحها مضمون! ويمكن أن تسهم هذه الصناعات في تنويع مصادر الدخل في اقتصادنا الوطني لأن هناك أنشطة أخرى سوف تنهض وتزدهر من خلال استخدامها لمنتجات تلك المشروعات كمُدخلات في عملياتها الإنتاجية.
من تلك المشروعات المتأخرة، مشروع إنشاء مصنع لإنتاج الجيلاتين كنشاط متفرع من مشروع الاستفادة من الهدي والأضاحي. فهذه المادة يمكن إنتاجها من جلود وعظام الأضاحي التي تبلغ مئات الآلاف في الموسم الواحد من مواسم الحج.
ومعلوم أن الجيلاتين تسيطر على إنتاجه إلى حد كبير مصانع قليلة في البلدان الغربية، وهو مادة غالية الثمن وتدخل في إنتاج الأدوية والعديد من المنتجات الضرورية الأخرى، وبخاصة الغذائية. وكذلك من المعروف أن الجيلاتين المستخدم في معظم أنحاء العالم مصنوع من الخنازير مما يشكل حرجاً في البيئات الإسلامية!!
وقد قرأنا الكثير عن أسباب تأخر إنشاء مصنع للجيلاتين بالاستفادة من الأضاحي، وهذا أمر مرتبط بالمصرف الإسلامي للتنمية الذي يمتلك مجازر حديثة ذات طاقة إنتاجية كبيرة جداً.
مؤخراً بشرنا الدكتور أحمد علي، رئيس المصرف الإسلامي للتنمية، في حديث لجريدة الاقتصادية أن مشروع مصنع الجيلاتين الذي تأخر كثيراً جداً سيرى النور بعد موسم الحج القادم بعد أن تم تذليل المعوقات التي حالت دون قيام المشروع على الرغم من الإعلان عنه منذ عدة سنوات.
أتمنى أن يكون تأكيد الدكتور أحمد علي نهائياً هذه المرة، فما أكثر الفرص الاقتصادية الضائعة التي يمكن أن تثري وتُعَمِّق اقتصادَنا الوطني.