لي صديقة تركية، كلما زرتها وجدتها تشاهد برامج مفعمة بالجلبة والنقاش.. وتعدّد الأفراد، بين لجنة تصدر حكماً، وعملاء ذوي قضايا، ولأنني أستشف الموضوع من جو البرامج العام، إلاّ أنني «كالأطرش في الزفة» إلى أن تقوم هي بترجمة ما يدور لي، فأعرف أن برنامجاً يتولى مشكلات الأفراد، وقضاياهم المعقدة بفريقه، متصدّين لحلها بالتواصل مع مرافق المجتمع، وأية جهة معنية به، حتى كبار الشخصيات النافذة..
كما إنها أخبرتني بأنّ بعض مقدمي، ومقدمات البرامج الخدمية، توفر لهم المؤسسة الإعلامية التركية حماية أمنية لأهمية قضايا الأفراد الشخصية التي تتصدى لها..
كذلك هناك من البرامج ما يتخصص في حل المشكلات الزوجية، ويعرض لمن يرغب الزواج مواصفاته، ثم يتم في البرنامج ذاته الاختيار، ومن ثم التوافق بحكم طبيعة المجتمع التركي، وهناك برامج تتبنّى المواهب بما فيها هواة الطبخ، وتصميم الملابس، وتنسيق البيوت...
كنت أتمنى أن تتولى فضائياتنا اتباع نهج البرامج الخدمية مثل هذه، بحسب طبيعة المجتمع ونوع قضايا الأفراد، تحديداً بعد أن كثر التفكك الأُسري، وانتشرت مشكلات الصحة، والولاية، وتجاوز الحقوق، وتعدّد أوجه الفساد.. والظلم، وتجاوز الأنظمة من قِبل الأفراد في أُسرهم، وفي مرافق أعمالهم بل فيما يتعلق بالإنسانية في العلاقات..
وجدنا في برنامج « الثامنة» نموذجاً مميزاً لبرامج الحوار والمواجهة..
ثم حين تابعت لأكثر من حلقة برنامج «بدون شك» وجدته شبيهاً بتلك البرامج الفاعلة، يتصدى فيه الشاب النابه «محمد فهد الحارثي» لمشكلات الأفراد، يحتويها بجميع أطرافها، وفيه كشف عن نماذج من شخصيات أولئك المسؤولين الذين يتنصّلون عن واجبهم، كما أسعدنا بأولئك الذين يبادرون فيحلون ما يواجه صاحب المشكلة في قطاعات لهم فيها سلطة قرار، أو قدرة موقف..
وآخرها حلقة مساء البارحة الأول التي قدمت الأبَ الذي يرفض استلام ابنته من المصحة، وما وراء رفضه من قسوة الحياة، وضيق الحيلة..، وتلك الضحية التي وُلدت قيصرية في مستشفى حفر الباطن ثم تنصّل المسؤول فيها عن التجاوب مع أبيها حتى ماتت .، ورأينا من سعى في قضيتها جلس في عزائها... ولعل الحارثي يتمم الكشف عما ستتخذه الجهات المسؤولة في الأمر..
«بلاشك» لابد أن نحيي محمد الحارثي بدماثة خلقه، وأهمية ما يتابع من قضايا، ومعه فريق البرنامج الذي يتولى الجوانب القانونية والنفسية للحالة التي يعرضها، بما يمكّن المشاهد من حقوقه، ويوضح له مساراته..
التحية عميقة وكبيرة «بلاشك» لأهمية البرنامج، ولتميُّز نهجه، وللجهد الذي يبذله فريقه كله..
نتمنى أن تتولى الفضائيات الاقتداء بمنهج حسن اختيار مضامين برامجها، بتقنين أهدافها، وتأطيرها حول حاجة الأفراد، تماماً مثل هذا البرنامج..،
إنها إن تفعل تصبح فاعلة في التصدي لكل قضايا التعليم، والعمل، والصحة، والتربية، والثقافة،.. ......وووووو.. وهو المراد من الإعلام..
فالإعلام رسالة مهمة.. وقد فعلت يا حارثي أنت وفريقك في العناية بهذه الرسالة.