02-09-2014

خالد الفيصل: العربية، ومن ثمَّ الخط العربي...!! «1/2»

من الضرورات التي سنَّها خالد الفيصل في عهده بوزارة التربية، والتعليم، وتحسب له جلية ناصعة إعادة الهيبة للغة العربية, ورفع كرسيَّها فوق منابر التعليم داخل الفصول، وخارجها.., حين قرَّر وأعلن وعمّم أن تكون لغة التدريس والمشافهة,..

والعربية تستحق أن يعمل بها تدريساً، ونقاشاً، وتبادل حوار.., فهي إن استقامت على اللسان في مرافق التعليم ستكون سليمة في خارجها،... ولئن وُظِّفت على الألسن، وعاد مجراها سلسبيلاً في مشافهة الناطقين بها، فإنه المقام الذي هو لها, تيمُّناً بدورها الريادي في تاريخ البشرية, وتمثُّلاً لعظمةِ اختيارها مُعجزا بها ربُّ السموات أهلَها في محكم تنزيله بحرفها, وكلماتها، وجُملها، ببيانها وبلاغة تراكيبها، ودلالاتها..

لذا هي في أيسر استخدامها, وأشمل أدوارها ليست تخص المختصين في درسها، وتدريسها فقط.. ولا المتبحرين في بلاغتها, ونحْوها, وقاموس علومها فقط.., ولا الدارسين علوم القرآن الكريم، والحديث الشريف فقط..

بل هي لكل من يحمل صفة أهل لسانها.., مع الإقرار بتفاوت مراتب المعرفة بها، بمثل ما يتفاوت الطلب في مستوى استخدامها..

لأن الهدف من رغبة من يرغب, وقرار من له القرار هو توظيفها على الألسن، أي أن تكون سليمة المخرج, صحيحة التركيب.., واضحة المعنى في قدرة الجميع من الأفراد التمكن من مهارة إتقانها....

ولئن كان هذا القرار قد تأخر كثيراً بعد أن تعطّلت العربية على الألسن، بل تشوّهت, وعجز أهلها عن توظيفها بيسر, وسلاسة فيما يتحدثون, وغلبت عليها الدارجة من اللهجات, وتداخلت فيها اللغات الوافدة مع ريحها العارمة,.. ولئن شكا صوتُها غربتَه وغربتَها فيهم, إلا ما كان من شأن محبيها وهم ندرة من غير المختصين في علومها، إلا أن قرار الفيصل قد أشعل جذوتها في مشكاة مؤسسات التعليم، ويبقى الدور لمدراء الجامعات أن يفعلوا.., بل لجميع مسؤولي الدولة في مؤسساتهم ووزاراتهم.. وحيث يقودون ولهم قلم القرار..!

ثم الأمر كما قلت في مقال سابق بعد صدور هذا القرار في هذا المكان، يحتاج إلى إعادة تأهيل الجميع لغوياً.., وتمكين الهيئة التعليمية من إتقان العربية قبل التحدث الشفاهي بها، ومع التدريس بها، كي لا تُنطق حروفُها المتشابهة بإخراجها من غير مكانها, وكي تستقر حركات شكْلها في موضعها من غير خلل..

ولترفع اللهجات وأصواتها عن أركان المؤسسات التعليمية على الأقل.. وتأخذ العربية مكانها ومكانتها بحق..

المهمة تحتاج جهداً بقدر سنوات ضياع العربية بين أهلها.. فما الذي تم منذ صدور قرار الفيصل وإلى الآن في هذا الشأن إنفاذاً للقرار..؟

ليتهم يخبروننا..

تبقى المكاتبات الرسمية تحتاج لقرار آخر مفصّل من قبل الفيصل كي لا يرد، ولا يصدر من أحد منسوب لهذه المؤسسة من مكاتبات, وفيها أي خطأ لغوي بأي نوع من أخطاء اللغة نحواً, وصرفاً وإملاءً وتعبيراً....

ولي تجربة سابقة ربما ذكرتها إن لم تخني الذاكرة في هذا الخصوص، إذ حين كانت تخدش عيني تلك الأخطاء اللغوية البالغة مداها في المخاطبات الرسمية في الجامعة، حين كانت تردنا من شتى المرافق، والأقسام، فطالبت مدير الجامعة آنذاك أستاذ العربية أستاذي الدكتور أحمد الضبيب أن يصدر قراراً في الجامعة بالتزام العربية في المخاطبات، ورد أي مكاتبة لا تتقيد بسلامة، وصحة الصياغة للجهة الصادرة منها، والواردة إليها, بعد أن فعلت على مستوى أقسام الكليات التي أملك فيها القرار.., وحدث أن وجه تعميماً بذلك دعماً، وإنفاذاً.., وليتحقق الالتزام بهذا القرار في جميع مرافق وأقسام مركز الدراسات الجامعية، حيث مسؤوليتي عميدة للمركز أنشأت قسماً للمراجعة اللغوية لجميع ما يصدر، ويرد للعمادة، .. ونجح هذا القسم لثمان سنوات ونيِّف, فرَّغتُ له مختصة في اللغة العربية لمراجعة ما يصدر، وما يرد.., وآمل أن يكون الالتزام بهذا لا يزال قائماً.., ولقد كانت تجربة أفادت حتى السكرتارية, والعلاقات العامة، وأقسام المتابعة, والتحرير.., إذ خضعت منهن كثيرات لدورة في اللغة العربية, أذكر هذا لمبادلة الأفكار, والانتفاع بسبل التنفيذ..

كي لا يتهاون أحد بتنفيذ القرار، والالتزام به في تفاصيل مرافق التعليم، والتربية..

بقى أمر الخط العربي..

نتحدث فيه غداً إن شاء الله..

وسيكون له عند الفيصل بلا شك رحابة في الصدر, وقبولٌ عند القناعة التي نتوخاها..

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855

مقالات أخرى للكاتب