إنّ الالتفات إلى شؤون النشء بشكل جاد من القضايا الملحّة التي ينبغي العناية بها، وجعلها في أول قائمة مهام التصحيح, فبالتمعُّن فيما أفرزته الوقائع، يتّضح أنّ الثقة المفرطة في الاتكال على سلامة البيت من آثار خارجة عنه لم تَعُد سبيلاً ناجعاً للتربية, وإنّ الإفراط في منح الصغار حرية الحركة، وخصوصية الأسرار من أشد ما يفتك بهم، فتنشئة الفتيان, والفتيات اعتدالاً من الملحّات في واجبات تتصدّر مهام الوالدين, والمدرسة،...
ذلك يتحقق بالعناية بسلامة عقيدتهم, ونقاء تفكيرهم, ومتانة استقامتهم, ووضوح علاقاتهم, وأفكارهم, والقرب من خاصتهم، ورفقائهم، إلى جانب تدريب سلوكهم على الأدب, والوقار، وشحذ أفكارهم بالمجدي النافع, وشغل أوقاتهم في المثمر المنتج بما يعود عليهم، فيكونون أفراداً على استقامة نهج، ونُبل مقصد, وعفاف طوية, وأدب تعبير، وحياء شيمة,.. ومن قبل سلامة عقيدة، وصواب مقصد, وصدق انتماء..
وقد أثبتت عادة البعد عنهم, ومنحهم الثقة المطلقة, وتركهم مع المربِّيات، والرُّفقاء من قِبل الوالدين، وتلقين مفردات الكتاب المدرسي، وفرض الواجب دون بناء علاقة وطيدة بهم من قِبل المربِّين، والمعلمين في المدرسة بأنشطة خارج الفصول، ووضع حواجز عالية بينهم، وعدم إتاحة حوارات، وإقامة برامج توعية لهم، واحتضان مواهبهم, والعناية بمهاراتهم بما يعزِّز فيهم الثقة, ويدرِّبهم على تطوير ذواتهم، والثقة في أنفسهم، قد بات نهجاً سقيماً مآلاته خاسرة, وحصاده غربة، وكربات..
كما الذي يحدث من حصاد يعمّ الوطن العربي، وقد لحقنا منه ما لحقنا، في عناصر من أبناء الوطن سلكت، وتسلك بما لا يمت لبيئة قوامها النهج الرشيد..
فالآباء الذين لا يحتوون أبناءهم في كنف رحيم, ولا يعينونهم على مواجهة متغيّرات خصائص نموِّهم, ولا يعنون بقوامات نفسيّاتهم، يقوِّضون الإنسان في داخل أبنائهم, ولسوف يجنون حنظلاً بدل أن يكون الابن قرّة عين لهم, يصبح مدرا لدموعها.. هذه العين فيهم..!!
أفلا تشد الناس من الوالدين، والمعلمين, والمربين على أنفسهم قليلاً، ليمنحوا الناشئة فيهم قلوباً عامرة بالرحمة, والوعي, وعقولاً ضابطة للجأش, مثمرة ما يعين من أفكار في شأن تربيةٍ نتاجُها يكون إنساناً ناجحاً, معتدلاً، واعياً، ذا خُلق, ومنهج فكري، ونفسي، وسلوكي قويم.., يسرهم صنيعه، ولا يكربهم مآله..؟!!
إنه الوقت، وإنها الحاجة..
بل هي المسؤولية التي لا تنتهي فوق الأرض, بل تساءلون عنها يوم العرض.. آباءً، وأمهاتٍ، ومعلمين مربين..!!
فما ستجيبون..؟!