أثارت قضية الطالبة المبتعثة التي تزوجت كنديا رغما عن والدها ردود فعل واسعة لدى فئة من الناس، فراحوا لتعميم تصرفها الشخصي على جميع المبتعثين و(المبتعثات) على وجه الخصوص!
وقام ثلة منهم بإنكار الابتعاث جملة، كونه داعية لتغريب الشباب وتمرد البنات! وبدأ الجدل - كالعادة - في قنوات التواصل الاجتماعي لدرجة وصف من يسمح لبناته بالابتعاث بالدياثة! (هكذا) وفُتح وسم «هاشتاق» بعنوان هل تتزوج مبتعثة؟!
والحق أن تصرف الفتاة ينم عن حماقة وعقوق، وردة فعل والدها وتهجمه عليها بالضرب في بلد يجرّم العنف ويعاقب عليه لا يقل حماقة! مع التقدير لمكانته كأب ومربٍ فرض الشرع الحكيم على الأبناء طاعته وعدم الخروج عن رأيه، ولكن كان جديرا به محاورتها بالفكر والمنطق والتحذير من النتائج.
كما كان يحسن به أن ينتهج طريقة النبي نوح عليه السلام مع ابنه المارق حينما رفض الركوب معه في سفينة النجاة.
وبرغم أنه كان يعلم يقينا أنه سيغرقه الطوفان ويتقطع ألما على حاله؛ إلا أنه لم يلزمه بالركوب أو يضربه أو يقيده، بل تركه ينفذ رغبته، واكتفى بمناجاة ربه بأن ابنه من أهله. وجاء الرد الإلهي بقوله تعالى:(قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
وبحسب الأخبار الرسمية، فإن الفتاة المبتعثة برفقة والدها رغبت بالاقتران برجل كندي مسلم ولكن والدها رفض، فنفذت رغبتها بالزواج رغما عنه، وحينما رآها في مكان عام انهال عليها بالضرب، فاقتادته الشرطة لمحاكمته على هذا التصرف وليس لرفضه فكرة الزواج! بينما تناقلت قنوات التواصل الاجتماعي المحلية صور الأب (وهو بالمحكمة) بأنه اقتيد بسبب رفضه لزواج ابنته من رجل كافر، وما آفة الأخبار إلا رواتها! فما بالك حينما توظف لخدمة قضية فكرية ورفض الابتعاث!
وبرغم ذلك؛ سيبقى الابتعاث من أفضل القرارات الملكية، وفيه تمكن شبابنا من الحصول على التعليم من جامعات عالمية مرموقة، والتعرف على ثقافات متعددة تقدر العلم والعمل والالتزام والمثابرة لتغيير بعض المفاهيم الاجتماعية، وإحداث نقلة نوعية في التنمية المستدامة. وتبقى التصرفات الشخصية مسؤولية فردية لا يمكن تعميمها ولا إطلاقها كانطباع عام!!