| |
الوقت والقراءة بين مجريات هذا العصر غازي بن عماش الصالحي / بريدة
|
|
للوقت أهمية كبيرة في حياة البشرية جمعاء ولو نظرنا لكثير من الأمم التي ساهمت في رقي شعوبها لوجدنا أنها أساساً اهتمت في الاستغلال الجيد والراقي للوقت، فالوقت يمضي وهو يحسب على الإنسان إما بالسلب أو بالإيجاب فالإنسان العاقل والمدرك لأهمية الوقت هو الذي يستغله فيما ينفع نفسه ومجتمعه بعمل أي شيء مفيد ولو كان بسيطاً.. المهم أن يكون هناك ترويض للنفس في استغلال الوقت، وخير استغلال للوقت هي القراءة فقد قال الإمام ابن القيم (أكرم عقلك يكرمك، قيل: كيف، قال: بالقراءة العاقلة) فالقراءة هي التي تزيد في الرصيد المعرفي للإنسان في ثقافته وأفكاره واتجاهاته وتضيف القراءة من ثقة الإنسان في نفسه وعقله شيئا جديدا ومفيدا، الفيلسوف أندريه جيد يقول (ثق أنك عندما تأخذ الكتاب وتقرؤه وتعيده في الرف مرة أخرى فإنك لن تكون نفس الشخص قبل قراءته). إن استثمار الوقت في القراءة هي صياغة إيجابية رائعة لعقل وتفكير الإنسان بحيث يتوسع عقل الإنسان وفكره نحو آفاق أوسع وأشمل لما يدور حوله ولذلك فلسفة القراءة بناء في عقل الإنسان وتفكيره تصور شامل جامع لما يدور حوله وفقاً لتفكير جديد يستغل في قراءة كتب واسعة المعارف وثمينة المعلومات. كثير من الشعوب في أنحاء المعمورة تهتم اهتماما بالغا وراقيا في أهمية الوقت واستثماره في القراءة فمعدل قراءة الإنسان في بعض المجتمعات المتقدمة يصل إلى ما بين 8 - 14 ساعة أسبوعياً. وأحياناً تزيد هذه النسبة وأحياناً تقل، وخصوصاً في المجتمعات النامية والمتخلفة ولذلك تحتاج هذه المجتمعات إلى وعي ثقافي مكثف في مؤسسات التربية والتعليم بالدرجة الأولى والمؤسسات الثقافية بالدرجة الثانية لرفع وعي الإنسان في هذه المجتمعات لأهمية الوقت واستغلاله في القراءة باعتبارها المدخل الرئيسي إلى الثقافة والمعرفة، ولهذا السبب تحتاج المجتمعات العربية والإسلامية وهي تعيش الآن في عصر العولمة وما يحمله هذا العصر من تغيرات فكرية وثقافية سريعة وهائلة والتي بعضها يعارض الدين الإسلامي الحنيف والثقافة السائدة، إلى توفير لهذه المجتمعات فرصة ملائمة في قراءة الكتب الثقافية والفكرية التي تعارض الثقافة السائدة وذلك عملاً بمبدأ أحد الصحابة رضوان الله عليهم حيث يقول (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه). إن معرفة الإنسان في هذه المجتمعات مرتبط في قراءة الكتب التي تحمل بين طياتها الكثير من المجريات الثقافية والفكرية في هذا العصر لكي يكون هناك إلمام كامل عن مجريات هذا العصر ولكي لا يكون بمنأى عن معرفة هذه المجريات والتي دخلت إلى صميم بعض الشعوب دون أن يكون هناك معرفة حقيقية لهذه المجريات.. ولهذا نحن نحتاج إلى صياغة جديدة للقراءة تتواكب مع مجريات هذا العصر مع التمسك الشديد والقوي بالثوابت الدينية والثقافية.
|
|
|
| |
|