| |
الرأي الاخر الصورة الشعرية..ومسارب ضوء الإبداع!!
|
|
الصورة الشعرية ذلك العالم الشفيف المتنامي في حدس الشاعر والمترامي على ضفاف فكره.. نعم، في كل إنسان طفل شاعر يحرك المشاعر ويثير الأحاسيس.. وتبقى الصورة الشعرية هي الحد الفصل بينهم في درجات الإبداع والدقة في مهارات التصوير.. فالشاعر مصور يرى الأشياء ويعايش الأحداث فيمزج دقة الحدس بالتقاط الصورة مع عقله الباطن.. لتتولد لديه لوحة فنية تتفاوت درجة صفائها ونقائها من شاعر لآخر.. من هذه النقطة نقول أن الصورة الشعرية ملغومة بومضات وبريق تداعيات نابعة من تراكمات ذاتية مخبأة بين سطور المفردة الشعرية، وهذه التداعيات مترسبة ومتمحورة في ثنايا العقل الباطن للشاعر، بحيث يمر الشاعر بصور شتى ومتفرقة في حياته وتتراكم مكونة حزماً ضوئية مبعثرة تمر عبر الشعور واللاشعور، فتتكثف مكونة صورة جديدة حديثة النشأة والمولد، ومكونة مخزوناً تصويريا ثريا.. فالصور حلم هلامي لزج تتمرأى إشكالياته بسعة بؤرة الثقافة الكامنة في كل شاعر.. وفي النص الشعري تتمخض الصورة مكونة نوراً يأسر أعين الذائقة عند المتلقي مشكلة توق ومتعة ذاتية لا توصف أو تترجم؛ إذ الثقافة الواعية ودقة الحدس في التقاط التفاصيل ركن من أركان هذا الحلم العلم المتشبث في أطراف الواقع.. فلو اجتمع شاعران وأكثر أمام بحر مثلا، وطلب منهما كتابة ما يجول في أعماقهم بنص يترجم ما في باطنه الحسي لاختلف بكل تأكيد منظور كل منهم في خلق صورة معبرة عن هذا البحر، وتباعدت رؤاهم في وصف ومزج أبعاده وجزئياته؛ فكل منهم يصور ما يراه هو بحسب حالته النفسية وقدرته الإبداعية في ابتكار لقطة جديدة تختلف عن ما سبقوه في التعبير عن هذا المنظر.. إذ الإبداع الحقيقي لدى كاتب النص يرتكز على استنطاق الواقع برؤية أخرى أوسع أفقا وأدق تفاصيل من الإنسان العادي بتجديد مستمر بعيدا عن التكرار والوقوع في فخ التقليد.. فتمتزج الأخيلة لخلق حس جديد خارج عن المألوف ومتوافق مع الحقيقية.. كما أن المتلقي بطبعه يبحث دائما وأبدا عن من ينقل الواقع الملموس بزوايا أخرى تتناغم مع أحاسيسه ومشاعره وتتوافق مع تحريك جذوة المتعة في داخلة والتلذذ بنشوة الإبداع وبهجة الصور الجديدة التي نقلته إلى عالم آخر يرى العالم بحس ولون آخر بدرجة جادة من الوعي والقلق الإبداعي، الذي يهيئه له كاتب النص منشئا سيلاً من الصور المنطوية على احتمالات المعنى والمتباينة على إحاطة المتلقي كل حسب مدركاته وأبعاده الحسية.. المعنوية.. وعلى الشاعر الواعي ان يخلق رؤى جديدة بحدسه الخاص ويخرج عن السياق المألوف المكرر والمستهلك من تجارب الآخرين الذين سبقوه إلى سياق لغوي مليء بالايحاءات الجديدة والأخيلة المبتكرة.. من هنا أتمنى أن تسهم هذه القراءة في توسيع دائرة الوعي حتى يتمكن كل من الشاعر والقارئ أن يتدخل في خلق جو من الرؤى المنبثقة من مفهوم أرحب لهذا الكائن الحي المسمى بالإبداع بعد القراءة وهي قابلة لأن تتخلق في ذهن القارئ أثناء وبعد فعل القراءة.
إبراهيم الشتوي a-alshwi@hotmail.com |
|
|
| |
|