| |
ثروات الشعوب بوعيها م. عبدالعزيز بن علي الزنيدي
|
|
إن العبث في المرافق حدث مزعج تماماً.. ولو تقصينا العابثين لوجدناهم من صغار السن أو المراهقين.. وفي الحقيقة إن المشكلة لا تكمن في هؤلاء، وإنما في مَنْ ربى هؤلاء النشء، وإذا أردنا إصلاح المجتمع، فلا بد أن تكون البداية في البالغين وحتى المسنين.. فمتى ما اقتنع البالغ بأهمية المحافظة على تلك المكتسبات، فإنه مع مرور الزمن سوف تنتقل عدوى الشعور بالمسؤولية إلى صغار السن، وهكذا حتى يتم القضاء على تلك الظاهرة المشينة.. وما دعاني إلى التنبيه بتفقيه البالغين كان سبب المشاهدة العينية على الطبيعة، حيث شاهدت إمام مسجد يرمي مخلفات الأوراق الملمومة في داخل السيارة في الشارع وهو واقف عند إشارة المرور..!! وأستاذ في الجامعة يقفز الرصيف ويتجاوز نقطة الدخول للكلية، وينزل من الجانب الآخر دون مراعاة لرجل الأمن الواقف في النقطة..!! وثالث المخالفين أحد المسؤولين من أصحاب المراتب العليا رمى بمناديل الورق في الشارع، وهو يجلس في سيارته الفارهة دون اكتراث بحجم المشكلة الناتجة عن ذلك التصرف.. إذاً المشكلة ليست في صغار السن.. وما ذكرت ليس إلا رصداً بسيطاً لسلوكيات غير مقبولة.. وقد ترصد أعين الآخرين حالات مماثلة أكثر من ذلك تشويهاً. وعندما نبحث عن سبب، فلن نجد مبرراً إلا عدم الإحساس بالمسؤولية.. وعدم الإحساس بالمسؤولية جاء نتيجة عدم تأنيب المخالف من قبل مَنْ رصد المخالفة.. وعدم التأنيب من قبل الراصد نتيجة عدم الإحساس بحجم المشكلة.. وعدم التقدير سببه عدم تفعيل المشكلة من جهة الاختصاص لذلك التصرف المشين.. وعندما نستعرض أحوال الدول فيما يختص بالمخالفات وأثرها على البيئة والمجتمع ويكون استشهادنا بسنغافورة، نجد أن الاحترام المقدس للأنظمة دون النظر إلى صاحب المخالفة وعمل الفوارق في تطبيق النظام بحق المخالف أحد أبرز الأسباب التي تحقق الوجاهة الحضارية، فالإنسان السنغافوري هو الإنسان السعودي، وكلهم من كوكب واحد هو الأرض، وما أوجد الفوارق بينهم عدم الجدية في تطبيق النظام، مما نتج عنه عدم احترام الأنظمة من قبل المواطن، وبالتالي عدم الشعور بالمسؤولية.. وسبب عدم احترام الأنظمة لدينا هي طبقية المجتمع.. إذ إن الوجيه لن يجد صعوبة في الاستفزاع بالمسؤولين من أجل إبعاد تهمة المخالفة عنه.. بينما يكون النظام مطبقاً بحذافيره نصاً وروحاً على غير الوجيه.. وهذا بدوره انعكس على المستوى العام بوجود المخالفة.. إذ إن الوجيه يخالف لعدم الاكتراث بالعقوبة وإحساسه مسبقاً بأن الجزاء لن يطاله لوجاهته، والضعيف أصبح يخالف بشره تحدياً للمجتمع الذي لم يعدل في تطبيق النظام.. وبين هذا وذاك نجد المحصلة (تشويه، إتلاف، تلوث، تكديس مخالفات، وغيره). وكأن بعض الأحياء هجرت منذ مدة طويلة بسبب التشويه الحاصل داخل الحي، بينما نجد الأحياء والشوارع في سنغافورة وكأنها قطعة سجاد مزركشة نقشت بأحلى الألوان وفرشت على مد النظر.. والسبب احترام النظام وتنامي حس الشعور بالمسؤولية. ومن أجل سبق الآخرين في الحفاظ على النظافة العامة لا بد أن تكون البداية بحملات التوعية المستمرة والمكثفة طويلة المدى.. فبناء الإنسان مهم ولكن الأهم توعيته.. فليس أفقر من اليابان أرضاً ولكنها أغنى بفكر شعبها.. والعكس لدى البرازيل أغنى في الأرض ولكن أفقر في الثروة البشرية.
وكيل بلدية عنيزة للخدمات
|
|
|
| |
|