Al Jazirah NewsPaper Sunday  17/12/2006G Issue 12498مقـالاتالأحد 26 ذو القعدة 1427 هـ  17 ديسمبر2006 م   العدد  12498
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

شيء من
السياسي بين الأمس واليوم
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

كانت مارجريت ثاتشر، إحدى أهم الشخصيات السياسية البارزة في القرن العشرين، تقول: (السياسي عندما يصنع القرار يأخذ في اعتباره الكثير من المعطيات، غير أن المعلومة التي لا تتوفر لرجل الشارع هي في الغالب أهم معطى يوجه صناعة القرار).. وتقول: (لا يهمني رؤية ناقد يقول رأيه وهو يحتسي كوباً من القهوة في أحد مقاهي لندن، الذي يهمني المعلومات التي أمامي).
والمعلومة في عالم السياسة، كانت ومازالت، هي التي تصنع القرار. وبقدر ما تكون المعلومات صائبة ودقيقة، تأتي قرارات السياسي صائبة ودقيقة. أي أن ثمة علاقة طردية تربط صوابية القرار السياسي بصوابية المعلومة. هنا تبرز أهمية (فريق العمل) المحيط بالسياسي، الذي يعمل على توفير (المعلومة)، ومن ثم العناية بالمعلومات، وتحليلها، ودراستها، ورصد مدلولاتها، ووضع الرؤى والخيارات أمام (السياسي) الذي يعمل هذا الفريق من أجله.
كما أن السياسي الحقيقي هو الذي يتغير، وتتبدل مواقفه حسب متغيرات ومعطيات الواقع الذي يعيشه. والسياسي (المتكلس)، الذي ليس لديه قدرة على التغير والمواكبة، لا يمكن أن يكون قادراً على (الحضور) والفعالية، ناهيك عن الحيوية، واستقطاب احترام الناس، في عالم اليوم.
الفرق بين اليوم والغد، أو بين حقبة مسز ثاتشر والحقبة الحالية، حقبة (ثورة الاتصالات)، التي يبدو أننا نعيش في بدايتها، أن المعلومة وتحليلها ورصدها لم تعد اليوم محصورة بالعاملين في القمم السياسية، دون غيرهم، وإنما أصبحت متاحة للجميع، ولعل هذه الجيوش من المراسلين، وكذلك المحللين، الذين يعنون (بالخبر) أو (المعلومة)، ويقومون بتحليلها، ورصدها، وتفكيك تعقيداتها، وما تشير إليه، وتقديمها في (وجبة) غنية للإنسان غير المسيّس، سواء من خلال الفضائيات أو الإنترنت، قللت كثيراً المسافة بين الإنسان العادي، والسياسي العامل في صناعة القرار، وجعلت (المعلومة) وكذلك (تحليل) المعلومة، التي كانت في الماضي حكراً على الساسة دون غيرهم، في متناول الجميع إلى حد كبير. لذلك فإن السياسي اليوم لا مفر أمامه من (الشفافية)، والبعد عن (السرية) والتعتيم، لكي يكون مقنعاً، ومن أجل أن يحظى بالقبول العام، ويستقطب قناعة الناس به، وبقراراته.
ولعل الذي يرصد المتغيرات التي أحدثتها ثورة المعلومات، وتوفرها للجميع، يجد أن الدعوة إلى (الحوار)، و(الشفافية)، أصبحت مطلباً جماهيرياً ملحاً لا يمكن القفز عليه، أو تجاوزه، بحال من الأحوال، وبالذات في كثير من بلدان العالم الثالث، التي كانت شعوبها في الغالب تفتقر إلى المعلومة، وإلى فهم المعلومة، وما تشير إليه، كي تفهم الواقع الذي تعيش فيه.. ومثل هذه الدعوات للحوار التي (يعج) بها عالم اليوم، لم تبرز إلى الواقع دون مسببات، وإنما تلبية لهذه المتغيرات. فالإنسان العادي بعد أن تكشفت له كثير من المعلومات التي كانت في الماضي تدور خلف الكواليس، وتحتكرها فئة محدودة، مثلت أمامه كثير من علامات الاستفهام، وكان لا بد له من أجل أن يتعامل معها، ومع ما تثيره من أسئلة (قلقة) في ذهنه، من أن يطالب بإتاحة (الحوار) لتجسير الفجوة بينه وبين صناع القرار، أو المشاركين في صناعته، أو (إتاحة) الفرصة له - بطريقة أو بأخرى - للإسهام في صناعة القرار ذاته. وبقدر ما يكون السياسي جاداً في الحوار، متيحاً (للشفافية) بأن تعمل وتتفاعل في العلاقة التي تربطه بالآخرين، و(للنقد) بأن يأخذ دوره في تشكيل الوعي، يكون قادراً بالتالي على مواكبة المتغيرات، والعمل والتعامل مع متطلبات الحقبة السياسية الحالية التي ننتمي إليها.
وفي الاتجاه ذاته، أصبح الآن من العسير إلى حد بعيد تصنيف الناس مثلما كانوا يصنفون في الماضي، أي إلى (خاصة) و(عامة)، فالوعي والثقافة التي وفرتها (ثورة المعلومات)، وقبلها وسائل المعرفة الحديثة منذ أن اخترعت المطبعة، ضيقت كثيراً من التفاوت في التشكيلات المعرفية والعلمية بين الطبقات الاجتماعية. لذلك فإن من كان يوصف (بالعامي) في أدبيات الثقافة العربية التقليدية يعتبر الآن - عملياً - لم يعد له وجود، أي أنه (انقرض) أو يكاد.
كل ما أريد أن أقوله في هذه العجالة أن المتغيرات الثقافية الحادة التي أحدثتها ثورة الاتصالات، وكذلك (ثورة المعلومات)، يجب أن يأخذها من يعملون ويتعاملون في الشأن السياسي بعين الاعتبار. فالسياسي الذي (لا يبالي) بهذه المتغيرات، ولا بتأثيرها على ذهنية الإنسان المعاصر، هو لا يجدف ضد التيار فحسب، وإنما يعيش خارج العصر تماماً.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved