| |
أيتها النجلاء كوني كما عهدتك منيرة ناصر آل سليمان
|
|
وحدها بين رمال الصحراء تبدو تلك الشجرة قوية، شامخة، باسقة، والأهم صامدة أمام عقبات كثيرة تصارع فيها هذا البقاء! حين يجيء صوتك المثقل - يا صديقتي - أتلقاه بذات اللهفة والفرح لكنه مقلق.. موجع نغماته لم تعد تلك التي أعرفها وأميز حضورها في أذني! صوت الأنين يكاد ينطق قبل أن تقوليه.. آهات موجعة أشعر بها تتلقاني حرارتها وأنا أتفحص كلماتك التي لم تعد تلك الكلمات!! لكنك تقولينها بشيء من الرضى ومحاولة التماسك.. وأظل أبحث فيك عن تلك الشجرة بكل أوصافها! فتكونين كما أنت وكما عهدتك برغم الحزن - هذا الألم الذي يعرف تفاصيله كل من تجرعه، ذلك الفقد يا غالية يحفظه كل من ذاق مرارته..! تجيء كلماتك فتقفز لهفتي وخوفي وشوقي وحنيني إليك!! أصبح كل تلك المشاعر وتصبحين أنت المريض والطبيب!! أحاول أن أداوي ألمك وألقي بضمادتي إليك لعلي أعالج جراحك لكنني أتلقفها منك سريعا وألف قلبي ونفسي ببعضها.. أبحث عن ذاك الدثار حين كنا معا نرسم أمنيات عريضة ونحكي مستقبلاً نتمناه مشرقا! أعترف بعجزي وقلة حيلتي في كلتا المصيبتين! وفقد الأحبة في زمنين متقاربين.. عجزي أن أحتوي معك كل هذا الألم وأكون بجانبك وقت الوقع الشديد! وقلة حيلتي لتباعد المسافات بيننا.. لكنني مع كل هذا كنت أخالها دموعي قد خالطت دموعك ودعواتي تؤمن على دعواتك. كنت أشعر أننا معا نتقاسم الهم ونلعق الصبر! أتذكرين حين كنت أبكي فراقك المؤقت، وأتجرع حيرتي وغصتي! وقتها كان للحياة طعم آخر وأوجاع الزمن كانت بريئة حالمة! ما عساه يقول ذاك الزمان لو أطل برأسه الآن؟؟ كل شيء بات مختلفا وكل الأحاسيس تبدلت لكنه إحساس الصداقة لازال عرقه ينبض حيا في وجداننا.. هكذا الحياة - يا رائعة - وهذه هي الدنيا مجيء وارتحال حياة وموت، وفرح وأحزان.. وما أصعب أحزان الفقد! لكن حين تكون الحقيقة أمامنا نستطيع التغلب عليها بعون الله تعالى ورحمته.. بإمكاننا التعايش معها ليصبح العجز لا شيء وتستحيل مرارة الحزن إلى الإحساس بطعم الصبر وحلاوته والاقتراب أكثر من الإيمان الحقيقي بالقضاء والقدر.. الذي يمنح طاقات هائلة من الرضا والتصالح مع الذات. كل الظروف المحيطة مهما صعبت فلا شيء يصعب أمام رحمة الله تعالى والتعلق به والرضا بقضائه سبحانه وتعالى.. فكوني صامدة يا صديقتي.. أريدك شامخة كشموخ تلك الشجرة في وجه الزمان! أريدك قوية بارعة في قهر الأحزان فالأمواج مهما اعتلت تعود من حيث أتت.. كوني وكوني كما أتمنى لك وكما تتمناه كل مؤمنة لنفسها.. تأملي جمال الحياة من خلال هؤلاء الصغار دعيهم يمنحونك حب الحياة وأمنيات المستقبل الجميل لا تنظري لثقل المسؤولية وانظري لرحمة الخالق تبارك وتعالى اسأله عز وجل أن يعينك ويبارك لك فيهم ويغفر لموتانا وموتى المسلمين.ويجمعنا بهم في جنات النعيم يا رب العالمين.
marrfa@hotmail.com |
|
|
| |
|