| |
الخطأ على المرحوم!! نادر بن سالم الكلباني
|
|
أستمع أحياناً إلى بعض البرامج الحوارية التي تناقش بعض مشكلاتنا الاجتماعية، ورغم محاولاتي المستميتة، أجد نفسي أحياناً عاجزاً عن فهم وتقبل العديد من الآراء التي يطرحها المتخصصون في نواحٍ تتعلق بموضوع الحوار، خاصة عند مناقشة مواضيع الجريمة ومسبباتها، حتى وإن كانت - كما يسوق لها متبنوها وطارحوها - مبنية على دراسات علمية وملاحظات ميدانية، والعيب - أعترف هنا - لا ألقيه على ما يطرح من نظريات وتحليلات بل ربما يكون في قدرتي على استيعاب بعض الأمور التي تأتي فيها المبررات وتحليل الأسباب بشكل يناقش فرع المسألة ويغفل أصلها ويقود بشكل غير مباشر لتحميل الضحية تبعات ما يحدث له، وكأننا بهذا نبرر لمرتكبي الجريمة والمنحرفين سلوكهم غير السوي. في أحد البرامج الذي ناقش مسببات الجريمة في مجتمعنا واستضاف بعض المتخصصين ورجال الأمن، قالوا إن الضحية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، فالذي يترك باب منزله مفتوحاً هو في واقع الحال يدعو المجرمين لسرقة بيته، والذي يحمل معه مبالغ كبيرة ويسير في الطرقات إنما هو يدعو المنحرفين لسرقته وربما لإلحاق الضرر به، والذي لا يحسن التصرف في المواقف الصعبة وعند نشوء النزاع أو الخلاف هو في واقع الأمر يدعو المتنازع معه ويحفزه على ارتكاب الجريمة، وهكذا سار الحوار بسرد مجموعة من الأمور التي تقول إن الشخص الذي يكون ضحية لجريمة ما، هو المسؤول الأول والمحفز للمجرمين والمنحرفين بأن يجعلوه الضحية، والكلام هنا منطقي وبشكل كبير لكني لا أعرف لماذا يتعب عقلي في تقبله كما طرح؟ ولماذا افترض أن هذا الطرح هو بمثابة التبرير غير المقبول للمجرم عندما يرتكب جريمته؟ ربما لأن هذا الطرح يتحدث عما قد يسهل للمجرمين ارتكاب جرائمهم لكنه بكل تأكيد لن يمنعهم من ارتكاب الجرائم، فالأصل في هذا لم يناقش ، وهو جبلة المجرم، والعوامل التي غرست نزعات الشر الموجودة في نفس كل مجرم والتي لا يصلحها أن يقفل الرجل باب بيته أو أن يسير في الطرقات وهو متحفز أو أن يحيط منزله بموانع من حديد، والمسألة في نظري تحتاج لمناقشة أعمق - لماذا يتولد في نفس البعض نزعات للعدوانية والميل لارتكاب الجريمة؟ وكيف يمكن معالجة هذه العوامل أو السيطرة عليها؟ - عوضاً عن الحديث عما يمكن أن يسهل أو يصعب حدوث الجريمة، فللمجرمين أو الذين ينتهجون العدوانية طرق تتجدد للوصول لمبتغاهم بتجدد الطرق التي ينتهجها الناس لحمايتهم.. والله المستعان.
|
|
|
| |
|