هل الهيئة تقلل من هيبة الدولة يا أخ محمد آل الشيخ؟

سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أشكر لسعادتكم حرصكم كما عودتمونا على نشر الرأي والرأي الآخر في جريدتنا الغراء جريدة الجزيرة.
وقد لفت انتباهي في إحدى صفحات جريدتنا العزيزة جريدة الجزيرة في عددها رقم 12493 الصادر يوم الثلاثاء الموافق 21- 11-1427هـ تحت عنوان (هيبة الدولة) للكاتب الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ وقد أعجبني في المقال غيرة الكاتب على هذا الوطن الغالي علينا جميعاً وحرصه على استتباب الأمن في أرجائه وهذا بفضل الله ما يحرص عليه ولاة أمرنا - وفقهم الله - على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظهما الله ورعاهما - كما يحرص على ذلك سمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظه الله - وكم من فتنة أطلَّت علينا برأسها ثم تصدى لها وأخمدها حتى أصبحنا بفضل من الله نعيش في أمن وأمان وفي راحة واطمئنان نتفيأ ظلال الشريعة الإسلامية ونرفع راية التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله. وقد رأى الجميع اجتماع كلمة المواطنين مع ولاة الأمر عندما تعرضت بلادنا لبعض التخريب ومحاولة الإفساد من أفراد الفئة الضالة لكن وقف لهم الجميع من علماء ودعاة ومواطنين بالمرصاد وكانوا يداً واحدةً معاونين ومؤازرين ولاة الأمر في ذلك وهذا ليس بغريب على أهل هذا البلد المعطاء الذين أمرهم ربهم سبحانه وتعالى بالتعاون والتآزر والتكاتف وطاعة ولاة أمرهم في غير معصيته، فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
والذي لفت نظري في مقال الكاتب المشار إليه هو ربط الكاتب بين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين التقليل من هيبة الدولة. وهذا الربط لا أدري ما هو الداعي إليه وما علاقة عمل الهيئات بتصرفات بعض الأشخاص الخارجين عن الهيئة. إن الهيئة وأنا لست من منسوبيها عُيِّنَتْ بأمر من الدولة وتشرف عليها الدولة وهي تحت سمعها ونظرها، فهل من الممكن أن يكون هناك جهاز من أجهزة الدولة يعمل للتقليل من هيبتها لأن المعروف لدى كل منصف أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تزيد من هيبة الدولة لأنها جزء منها وتأتمر بأمر وقد ورد عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) وأبلغ من هذا قول الخالق سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران 104، وتأمَّل قوله تعالى: {منكُمْ} فالهيئات منَّا أي أنهم من هذا المجتمع. وقد روى الترمذي - رحمه الله - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم) ولذلك فإنني أعتب حقيقة على كاتبنا الأستاذ محمد في ربطه بين تصرفات بعض الأشخاص التي لم يقرهم عليها العلماء ولا الدعاة ولا جميع العقلاء وبين عمل الهيئة. كما أعتب عليه في ربطه بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومعركة السبلة الشهيرة لأن تلك المعركة كما يعلم الجميع خرج فيها ما يسمون بالإخوان في ذلك الزمان خرجوا على الملك عبدالعزيز وحملوا السلاح فحاربهم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهزمهم في المعركة المشهورة. وأما الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر فإن كانوا في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنهم مخولون بذلك وفق الصلاحيات التي حددها ولي الأمر وأما غير الهيئات فقد حد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية التغيير فالتغيير باليد يكون لمن له عليه ولاية كالأولاد. أما مَنْ ليس للإنسان عليه ولاية فلا يحق له أن يغير عليه بيده وهذا أمر معلوم وواضح لكل طالب علم ولهذا استنكر أهل هذه البلاد ما حدث في كلية اليمامة لأنه مخالف لما جاء به الدين القويم. وعندما أشار الكاتب في بداية حديثه الدولة القمعية والدولة التي تقمع، فإنني هنا أود أن أوضح لكل مسلم بل لكل إنسان على وجه هذه الأرض أن هذه الدولة المباركة دولة التوحيد وخدمة الحرمين الشريفين منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهي تحكم بالعدل وحرية المواطن وفق الشريعة الإسلامية ولم يعهد على مرِّ تاريخها أنها قامت بالقمع أو قمعت أحداً وإنما إذا كان هناك مجرم يستحق العقاب فإنها تحيله للشرع حتى يلقى جزاءه على أعماله المجرمة بل لقد ضربت دولتنا المباركة مثلاً رائعاً لم تُسبق إليه في استصلاح ونصح مَنْ تأثر بالفكر الضال فأنشأت لجاناً للمناصحة وهذا دليل واضح على اهتمامها بمواطنيها وأبنائها؛ أسأل الله أن يحفظنا وأن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا إنه سميع مجيب.