| |
جسر الجمرات..والتوعية والتنظيم مصطفى محمد كتوعة
|
|
بدأ موسم الحج من حيث استقبال ضيوف الرحمن وما يرتبط بذلك من مراحل في خطط إسكان وتفويج الحجاج إلى المدينة المنورة للزيارة أو إلى مكة المكرمة استعداداً لأيام المناسك حيث وحدة الزمان والمكان.. وفي كل موسم حج تطبيق كل الاستعدادات السابقة وما اتخذته الأجهزة المعنية من خطط على ضوء نتائج الموسم السابق وخطط الموسم الحالي. منطقة المشاعر المقدسة ومنذ انتهاء موسم الحج الماضي تشهد مشروعات كبرى.. هذا هو الوضع أو المعتاد سنوياً، ولكن هذا العام وبتوجيه مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - تشهد المشاعر إنجازاً بالغ الأهمية لسلامة الحجاج ويوفر لهم سبل الراحة والطمأنينة على أرواحهم وأنفسهم.. ومشروع تطوير وتعديل جسر الجمرات، وقد أنجزت مراحل مهمة منه سيحقق الاستفادة منها في أداء شعيرة رمي الجمرات في هذا الموسم، وصولاً إلى اكتماله لاحقاً ضمن استمرارية واضحة في التخطيط والتنفيذ لكل ما فيه سلامة وراحة ضيوف الرحمن. هكذا هو عهد هذا البلد الطيب في تشرفه بأداء رسالته تجاه خدمة ضيوف الرحمن حجاجاً ومعتمرين وزواراً.. جهد متكامل ترعاه وتتابعه مباشرة القيادة الرشيدة - حفظها الله - وتسهر عليه كل الأجهزة المختصة الحكومية والأهلية.. ولكن ماذا تفعل حيال أخطاء من الحجاج الذين يرتبطون بثقافات ومعلومات غير صحيحة في أدائهم لبعض المناسك، ومن ذلك التزاحم بكل أخطاره حتى من كبار السن الذين يظنون على سبيل المثال ضرورة تقبيل الحجر الأسود ورمي الجمرات في أوقات محددة وخاصة في بدايات وقت الشعيرة وهو وقت الذروة. هذه إشكالية كبيرة وليست مجرد ثغرة ينفذ منها الخطر، وتبدأ الإشكالية من تلقي الحجاج في كثير من الدول فتاوى وشرح ومواعظ لا تأخذ بالسعة العظيمة في الدين الحنيف التي فيها رحمة للمسلمين وممارسة لروح الإنسانية وجوهرها دون إخلال بالأصول والأركان، وهذه هي مقاصد الإسلام، فللأسف هناك من الدعاة من يتشدد في تلقين الحجاج في بلادهم قبل أن يصلوا إلى المملكة عن وقت رمي الجمرات بالساعة والدقيقة ولا يشرحون أن وقت هذه الشعيرة ممتد ورحب، ومن يشق عليه فلا حرج ويمكن توكيله حسب القاعدة الفقهية في ذلك والأخذ بالأيسر حتى لا يعرض الحاج نفسه إلى التهلكة، ومن هذه القناعات الخاطئة تأتي السلوكيات على أرض الواقع أفواجاً هائلة نحو جسر الجمرات والتدافع أعلاه وأسفله وفي محيطه.. يحدث هذا من كثير من الحجاج وإن كلف الأمر حياتهم أو حياة غيرهم، وقد قال الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيله: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}. المئات من رجال الأمن وجهود مكثفة للتنظيم والتفويج واستخدام الميكرفونات ووضع اللوحات الإرشادية ومراكز للتوعية بكل الجهات وجهود مؤسسات الطوافة.. كل ذلك يضيع سدى في لحظة ما عندما تتدافع الأمواج الهائلة من الحجاج في تزاحم خطير، والسير في اتجاهات مختلفة وغير منظمة من وإلى الجسر وعند أحواض رمي الجمرات وعدم التراحم وغياب الوقار في السير والتدافع بالأذرع والأجساد فيسقط مَنْ يسقط، وهذا ما حدث وحدث في سنوات سابقة.. نسأل الله السلامة للجميع.. إن التوعية المسبقة للحجاج قبل مجيئهم هو أمر مهم بل غاية في الأهمية، ناهيك عن الحجاج الفرادى، وقد قامت الجهات المختصة وخاصة الجوازات على تنظيم هذا الأمر، ثم داخل المشاعر بمنع ظاهرة الافتراش والأمتعة والنوم في طرقات السير، لهذا فإن المشكلة دائماً ما تأتي من هذه السلبيات، ولو أدرك كل حاج حقوقه وحقوق غيره وأن حقوقه ليست على حساب غيره لأمكن تجاوز الأخطار. أمور كثيرة تحتاج للتوعية قبل وصول الحاج وهذه مسؤولية الدول الإسلامية، ولا بد من تفعيل ذلك وترجمته.. نسأل الله أن ينعم على حجاج بيته الحرام بالحج المبرور والذنب المغفور وأن يعودوا إلى أوطانهم سالمين غانمين وأن يوفق هذه البلاد في مسيرتها العظيمة لخدمة الإسلام والمسلمين.
|
|
|
| |
|