| |
أضواء فداحة جريمة حي الرمال جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
حتى عصابات المافيا تلتزم بخطوط حمراء في صراعها وحروبها التي تحصل فيما بينها للسيطرة على مناطق نفوذها، فالقتل الذي يجري بين هذه العصابات الإجرامية الأكثر دموية في قتالها تتجنب فيه الانتقام من أبناء قادة العصابات وأسرهم، فالتصفيات محصورة بالرؤوس الكبيرة والمقاتلين. (ميثاق الشرف) الذي تلتزم به عصابات لا شرف لها يغيب كلياً في قتال ومعارك الذين يرفعون شعارات الشرف والمجاهدين في هذا العصر، والجريمة النكراء التي شهدتها مدينة غزة، حينما قام عدد من (المجاهدين الشرفاء) في حي الرمال بمدينة غزة في بداية هذا الأسبوع، تمثل نموذجاً صارخاً لخواء شعارات هؤلاء الذين يدعون الشرف والنزاهة، وهم لا شرف لهم ولا يمتون للنزاهة بصلة، إذ قام هؤلاء المجرمون بأبشع جريمة يمكن أن يتخيلها إنسان، إذ كمنوا من خلال نشر عدة سيارات محملة بمسلحين لاصطياد سيارة تقل أبناء أحد المسؤولين الأمنيين الفلسطينيين، وقد بكروا منذ الصباح منتظرين السيارة التي تقل أطفال ذلك المسؤول، وعندما وصلت السيارة التي تحمل ثلاثة أطفال لا يتعدى عمر أكبرهم ثلاثة عشر عاماً، أمطروا السيارة برصاصهم، فقتلوا الأطفال الثلاثة وسائقهم لتتكشف أفظع جريمة شهودها الحقائب المدرسية والدفاتر والأقلام. بعدها فرَّ المجرمون تاركين أكثر من علامة استفهام على دوافع ارتكابهم هذه الجريمة التي أثارت الاشمئزاز في كل فلسطين. وبعدها تكشفت الحقائق التي أظهرت أن الجناة كانوا يقصدون قتل أبناء المسؤول الأمني الفلسطيني، وبالتحديد أطفاله، وليس المسؤول الأمني الذي يجيد الإفلات من الكمائن ويغطي تحركاته بإجراءات أمنية تجعل الوصول إليه صعباً إن لم يكن مستحيلاً، وهنا فكّر المجرمون والجهة التي يتبعونها بأن النيل منه وتدميره نفسياً هو قتل أطفاله.. عملية خسيسة تصدر عن حركة تدعي السمو في أعمالها وتزعم انتهاجها الجهاد لتحرير فلسطين. نسمع أن الرصاص الفلسطيني يجب أن يوجه إلى أعداء فلسطين والذين يحتلون أراضيها، وأن قادة هذه الحركة يصرخون ليل نهار بأنهم يحرّمون قتل فلسطيني برصاص فلسطيني، ولكن جريمة حي الرمال كشفت زيف ادعاءاتهم وصراخهم الذي أصبح بلا معنى مثل تشبثهم بالسلطة التي أوصلت الشعب إلى مزيد من الفقر والحرمان.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|