| |
حقوق الإنسان في تونس: المقاربة والضمانات الدستورية
|
|
* تونس - فرح التومي: ككل عام تحتفل تونس بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أجواء متميزة نتيجة النجاحات والمكاسب التي يحق لها أن تفخر بها والتي جعلت منها بلدا ذا تجربة متفردة بالمقارنة مع محيطها الجغراسياسي، لا فقط بالنسبة للبلدان الصاعدة، ولكن حتى بالنسبة للبلدان العريقة في التجارب الديمقراطية وفي مجال حقوق الإنسان ونشر ثقافتها. والواقع أنه يحق لتونس أن تفخر فعلاً بمنجزاتها غير المسبوقة في هذا الميدان. ومن بين تلك المنجزات المقاربة المتكاملة التي أرسى مفاهيمها الرئيس زين العابدين بن علي منذ تحول السابع من نوفمبر عام 1987 . وهي مقاربة تتسم بتطوير مفهوم حقوق الإنسان إلى آفاق وأبعاد جديدة لم تكن البلدان والشعوب توليها أهمية كافية ولا تربط بينها وبين حقوق الإنسان على الرغم من الترابط الشديد معها. فحقوق الإنسان في فكر الرئيس بن علي لا تقتصر على النواحي السياسية أو المدنية، التي تمتطيها أطراف متعددة لتمرير سياسات أو تكريس مصالح، أو تصدير لآفات العنف والتعصب وما يترتب عنها من كراهية وتطرف وإرهاب، بل تمس مختلف جوانب حياة الإنسان، وتلامس قضاياه وكرامته وأمنه ومستقبله. والرئيس التونسي عندما يقدم هذه مقاربة المتميزة لحقوق الإنسان لتشمل المجالات الاجتماعية والصحية والتربوية إضافة إلى الجوانب السياسية والمدنية فإنما يستند من جهة إلى عمق حسه الذاتي بقيمة الذات البشرية، وإلى عمق القيم العليا التي جاءت بها المواثيق الدولية والفكر الإصلاحي العربي الإسلامي وإلى مرجعية الدين الإسلامي الحنيف التي وضعت البشر في أولوية مقاصد الشريعة، ثم إلى ثراء المخزون الحضاري الذي تزخر به تونس في إعلاء منزلة الإنسان في حياته العامة والخاصة. ولقد أثبت الواقع الذي عاشه ويعيشه الشعب التونسي منذ التحول أن الرئيس التونسي جسم هذا التوجه فعلاً على أرض الواقع. بادر بن علي منذ البداية إلى تأسيس مجتمع متطور، مبني على القيم، وعلى ديناميكية التفاعل الإيجابي بين مكوناته. فكان أن ركز سياسة التنمية الاجتماعية تعتمد البعد التضامني بين مختلف مكونات المجتمع، وتتأسس على مبدأ التنمية بالتضامن، يساهم فيها الجميع في تحقيق التقدم والنمو، ويتقاسم فيها الجميع ثمار التنمية والرقي. وبالفعل فقد دخل المجتمع التونسي طوال سنوات التغيير مرحلة من البناء المجتمعي الذي أثمر بسرعة متناهية، وحققت تونس مؤشرات مشجعة في مجال التنمية البشرية التي هي أفضل عناوين العناية بالإنسان ورعايته والارتقاء به نحو الأعلى والأفضل. وشهدت تونس خلال سنوات التحوّل كمّا فكريّا وواقعيّا من عوامل ترسيخ حقوق الإنسان وتوسيعها بما لم تشهده في تاريخها، على الرغم من أنه تاريخ زاخر بالشواهد لفائدة شعب تونس في هذا المجال. ولقد ناهزت الإجراءات المكرّسة لهذا التوجه، على المستويات الفكرية والثقافية والعلمية، 400 إجراء بما جعل حقوق الإنسان في هذا البلد سلوكاً يومياً وممارسة تلقائية في الحياة اليومية. وقد كان منها بعث خطة المنسق العام لحقوق الإنسان بوزارة العدل. ولقد كان التوجه الثقافي العام، الذي نجح فيه الرئيس بن علي في بناء المجتمع التونسي على القيم، عاملاً رئيساً في النجاح على ساحة أخرى ذات أهمية خاصة في إثبات تجذر حقوق الإنسان في تونس. وقد أصبحت منظومة حقوق الإنسان في تونس تحظى بسند دستوري غير مسبوق، وذلك منذ مصادقة الشعب التونسي بالإجماع في أول استفتاء شعبي عام على التعديل الدستوري الذي طرحه أمامه الرئيس بن علي سنة 2002 والذي أسّس لجمهورية الغد.
|
|
|
| |
|