Al Jazirah NewsPaper Tuesday  12/12/2006G Issue 12493مقـالاتالثلاثاء 21 ذو القعدة 1427 هـ  12 ديسمبر2006 م   العدد  12493
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

دوليات

متابعة

تكريم الخضير

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الأخيــرة

هيبة الدولة
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

الدولة، أيّة دولة، تقوم (أولاً) وتتكرّس على فكرة (الهيبة). مفهوم الهيبة هو الذي تسعي إلى ترسيخه الأنظمة والقوانين داخل الدولة، ودبلوماسيتها خارجها؛ وهو ذاته الذي يُدافع عنه سلك (القضاء) فيها، وهو الجذر الذي يعتبر المساس به من حيث المبدأ مساساً بثوابت بقاء الدولة واستمرارها. العراق - مثلاً - في عهد صدام حسين كان ذا هيبة ليس لأنّ صدام حسين هو الأفضل، أو الأعدل، أو الأصلح، وإنّما لأنّ (هيبة) الدولة كانت مصانة من قِبل مؤسسات الدولة الحاكمة وأوّلها الجيش وقوى الأمن، بينما العراق الآن، رغم الديمقراطية، والانتخابات، ورغم البرلمان، ورغم كلِّ الشكليات التي قد تُفهم على أنّها أكثر عدلاً من ممارسات النظام السابق، دولة لا تمتّ للأمن ولا للاستقرار بأيِّ صلة، لذلك يمكن القول إنّ (هيبة الدولة) أس مرتكز بقائها واستمرارها. والدول التي تفرِّط بهيبة نظامها لأيِّ سبب من الأسباب، أو تمارس ممارسة قد تفضي إلى أيّة تنازل أمام أي ضغط من الضغوط مهما كان نوعه، فهي تعرض (وجودها) من أساسه للخطر. الهيبة يجب أن تكون خطاً أحمر، لا يمكن لكائن من كان أن يمسّها، أو (يناور) في تخومها.
يقول ياسين الحاج صالح عن هيبة الدولة: (قد نخاف من عصابة لكننا لا نحترمها. وقد تكون العصابة مخيفة لكنها لا يمكن أن تكون مهيبة. فهي تمارس العنف لمصلحة أفرادها بينما تمارس الدولة العنف لمصلحة مواطنيها. عنف الدولة بكلمة واحدة عادل مبدئياً. الدولة المهيبة دولة تقمع لكنها ليست دولة قمعية. الدولة العاجزة عن القمع، بالمقابل، لا يمكن أن تكون مهيبة. أمّا الدولة القمعية فحسب فتكون مخيفة ومكروهة)، وفي دول العالم الثالث، أو - على الأصح - الدول (المتخلِّفة) عن الرّكب والوعي الحضاري، كثيراً ما يخلطون بين الدولة (القمعية)، والدولة التي (تقمع) من أجل فرض سيطرة واحترام أنظمتها وقوانينها من خلال (القضاء). ومثل هذا الخلط امتد إلى (خلط) مماثل - أيضاً - في ماهية الحريات المكفولة للأفراد، وما هي الحريات التي يُعتبر كسرها يعاقب عليه القانون.
وممارسة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دولة الشريعة - مثلاً - ليست من (الحريات) التي يكفلها الشرع بالنسبة للفرد فحسب، وإنّما هي أيضاً (واجب) على الإنسان المسلم على وجه الخصوص امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)؛ غير أنّ الفقهاء حصروا تغيير المنكر، أو ما يعتبر مُنكراً، باليد (حصراً) بصاحب السُّلطة، وهو ولي الأمر، أو مَن يأذن له ولي الأمر، دون سواه. ففي الدولة المركزية المعاصرة لا يمكن (عقلاً) أن نتصوّر أن تسمح السُّلطات بأن يُنكرَ أحدٌ على أحدٍ باليد، أي بالقوة، دون أن يكون مفوَّضاً من السلطان، كالشرطة ورجال الأمن على سبيل المثال. وإذا تسامحنا مع من (يتعدَّى) على سُلطة مؤسسات الدولة (بالتطوُّع) - مثلاً - بحجّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أفراداً كانوا أم جماعات، مهما كانت الأسباب، والدواعي والمبرّرات، فإنّنا في الواقع نسهم في إضعاف (هيبة) الدولة، إذ نجعل كلَّ من هبّ ودبّ مخوّلاً لممارسة ما يُمارسه أصحاب السُّلطات الرسمية، لننتهي إلى وضع (فوضوي)، يختلط الحابل فيه بالنابل، فلا تعرف مَن صاحب الحق في الإنكار، ومن هو (المفتئت) الذي ينافس الدولة في مسؤولياتها.
وفي الآونة الأخيرة، ولغايات لا تغيب عن الحصيف، أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حجّة من لا حجّة له، وذريعة كلّ من أراد أن يقوم بعمل من شأنه (الخروج) عن النظام العام، أو إضعاف (هيبة) الدولة، أو التهجُّم على كبار مسؤوليها، أو التعدِّي على مؤسسة من مؤسساتها، أو الاعتراض على قرار معيَّن وتحريض الغوغاء عليه، كما كان - مثلاً - في بيان الـ 61 (التخويني) الذي وقَّعه مجموعة من أقطاب التيار الصحوي، أو ما جرى في كلية اليمامة الفوضوية، وأحداث الشغب التي رافقتها، وغيرها كثير.
هيبة الدولة خط أحمر لا يمكن المساس به. وعندما نتنازل، أو نتسامح، أو نتعاطف، أو ندمح الزلات، أو نجد المبرّرات لمن مسَّ بهذا الخط الأحمر، مهما كانت البواعث والأسباب، فإنّنا نخاطر بوجودنا، وبقاء أمننا، واستمرار استقرارنا. لذلك فإنّ الضرب بيد من حديد، و(قمع) كلّ من تسول له نفسه إجهاض هيبة الدولة بأيِّ ممارسة كانت، وسواء أتت من أفراد أو من جماعات هو مطلب مبدئي، ومدني، في الوقت ذاته، تنطلق منه، وعليه تتمحور أولويّاتنا .. وهذا المبدأ لا يمكن أن نتنازل عنه لكائن من كان؛ هكذا علَّمنا مؤسِّس هذه البلاد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -؛ وما تجربة (السّبلة) عنّا ببعيد.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved