| |
الطفلة العجوز حنان رزق أحمد
|
|
قالت له: لقد قلت لي يوماً إنني طفلة في نظرك. قال لها: نعم أراك طفلة صغيرة في ثوب أبيض، ملامحك صافية تكسوها براءة الطفولة وخصلات شعرك الأسود تتدلى على وجهك، تمرحين في سعادة، تنبضين بالحياة، تحتضنين الوجود كله، داخلك طفلة ترقص على أنغام الحياة بمرح وشقاوة وسعادة ولكن بمفردها، أما الآن فأنا معك وبجانبك أيتها الطفلة أساعدك، عندما تسقطين أمسك بيدك، نجري سوياً، نلهو نمرح، نصبح أحراراً كطيور السماء تجمعنا شفافية الكون. أما الآن فأنا أراك طفلة عجوزا تحمل أثقال العالم فوق كتفيها الصغيرتين، أصبح ذلك الوجه البريء تكسوه مسحة من حزن دفين وكأنه أصبح مأوى لآلام العالم منذ آلاف السنين، وعيونك قد انطفأ فيها ذلك البريق الذي كان دائماً متقداً يفيض ذكاء وحياة فكيف حدث هذا؟قلت له: هل تسأل الزهرة لماذا ذبلت بعد قطفها؟ وهل تسأل البراءة لماذا انتهت بعد اغتصابها؟ أشعر الآن بأن روحي قد سلبت مني ولم أعد أشعر بآلام من يتألم أو أسمع صرخات من يستغيث أو حتى ضحكات السعداء. لماذا عدت؟ ولماذا التقينا ثانية؟ لقد جاهدت كثيراً حتى أنزع صورتك الرائعة من مخيلتي، كانت محفورة بحروف من نار ونور، وكنت أحس بك تتردد في أنفاسي وفي كل كلمة أنطق بها، حتى في صمتي كان صوتك هو الذي يؤنسني، لكنك في الواقع كنت سراباً أبحث عنه وألهث للحاق به، فإذا ما تخيلت الوصول إليك تبعد أكثر، حتى في أحلامي كنت أراك طيفاً من دخان يحتويني ويذيبني ثم يرحل دون أن أمسك به، ما أشد ما عانيت منك، لذلك كان لا بد أن أعوّد قلبي على النسيان.
|
|
|
| |
|