| |
لطمة خاطفة من بيكر لإسرائيل
|
|
تحسست إسرائيل أكثر من مرة خدها لمعرفة: هل اللطمة التي تلقتها مؤخراً هي من بيكر أو من شخص آخر؟ ففيما كانت تتابع، والجميع في المنطقة، تفاصيل وفقرات تقرير أعدته لجنة مشتركة من الحزبين الأمريكيين عن الوضع في العراق، إذ بالتقرير يقفز فجأة من العراق إلى قلب فلسطين مُقراً بحق عودة اللاجئين وذلك ولأول مرة في العقود الأخيرة من هذا الزمان ومن حيث القوة النافذة للصهيونية العالمية.. ولهذا فقد ذُهلت إسرائيل حقيقة، أو هكذا بدت، غير أن الذين يتابعون الأوضاع في المنطقة يدركون مدى تشابك قضاياها، كما أن إسرائيل نفسها تدرك هذا التشابك، فهي متورطة حتى النخاع في أفعال تثبت هذا الترابط بين قضايا المنطقة، فإسرائيل تتربص بلبنان وهي موجودة في العراق بشكل كبير، مع استخبارات نشطة لها تفيد من المظلة العسكرية الأمريكية، وتنفذ عملياتها باسترخاء كبير، حيث تنشط استخباراتها في عمليات تصفية انتقائية لعلماء العراق، إلى جانب قيامها بسرقات منتظمة لتاريخه، وهذه السرقات مهمة لإسرائيل التي تسعى لإعادة كتابة تاريخ يؤمن لها حقوقاً ما على الأرض الواقعة من الفرات إلى النيل، هذا فضلاً عن سعي حثيث لترسيخ وجود استخباراتي مستقبلي لها في عدة أنحاء من العراق. إلى ذلك فالدهشة الإسرائيلية من إشارة تقرير بيكر إلى حق العودة، هي على الأرجح دهشة زائفة، وفقاً لهذا الفهم الذي يوضح تشعب التدخل الإسرائيلي في قضايا المنطقة، غير أن احتمال الدهشة الحقيقية وارد أيضاً، ولا يتعلق الأمر هنا بحقيقة ما يحدث وإنما بالتجرؤ والإقرار بحق العودة من قبل شخصية أمريكية كانت في يوم من الأيام في موقع القرار، فجيمس بيكر، أحد واضعي التقرير، هو وزير خارجية أمريكا الأسبق، ومعروف دور كل الإدارات الأمريكية في دعم إسرائيل.. وقد كانت هذه الإشارة من قبل التقرير إلى حق العودة أكثر من موفقة إذ إنها تقارب لأول مرة الطرح العربي في أهمية التصدي لمشاكل المنطقة ككل، وبخاصة حتمية تسوية القضية الفلسطينية التي تلقي بآثارها على كل شؤون المنطقة، ولهذا فقد وصفت إسرائيل التقرير الذي تعرف اللجنة التي وضعته باسم لجنة (بيكر - هاملتون) بأنه مقلق، وهو سيظل كذلك باعتبار أنه سيشغل الرأي العام الدولي طويلاً، ليس لمجرد هذه الإشارة، رغم أهميتها، ولكن لأن معظم التقرير يتناول الوضع في العراق وهو وضع ساخن يحتم الإشارة إلى التقرير كل يوم بل وكل ساعة، ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن إشارة التقرير إلى فلسطين تتناول هي أيضاً وضعاً ساخناً، ومن ثم فإن أدبيات أي تسوية جديدة وحتى تلك القديمة ستعيد وضع حق العودة في مكان بارز، فيما ستسعى المبادرات التي أهملت هذا الحق إلى نفض الغبار عنه.
|
|
|
| |
|