أصبح (الخطاب الواضح) سمةً بارزةً من سمات خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله لكل خير، فما من موقف من المواقف داخل المملكة وخارجها إلا ونحن نسعد برؤية هذا الخطاب الصريح الذي لا تمسُّه أبداً يد التذبذب، ولا تلامسه العبارات السياسية الملتوية التي أصبحت من علامات كثيرٍ من الساسة في هذا العصر.
نحن بلد مسلم لا نرضى بالإسلام بدلاً، أعاهدكم على تطبيق شرع الله، وأدعوكم إلى القيام بواجب النصيحة، المملكة دولة إسلامية قامت على الإسلام ولن تتخلَّى عنه، مبدئي ومبدؤكم.. دين ثم وطن ثم عمل، ديننا الإسلام ودولتنا دولة التوحيد ما لنا عزة ولا مكانة إلا بشرع الله عز وجل.
خطاب واضح من ملك يعرف معنى قيام دولة التوحيد على عقيدة التوحيد، وهو خطاب يتكرر في المناسبات كلها في مرحلةٍ مهمّة من حياة البشر، راجت فيها أفكار منحرفة، وعقائد فاسدة، ومذاهب ضالة، واتجاهات سياسية قائمة على تحطيم القيم والمبادئ والأخلاق، خطاب يدعونا جميعاً أبناء وبنات هذا البلد الحرام إلى دعمه وتأييده قولاً وعملاً، وهو خطاب ينبثق من سياسة الدولة، وسياسة إعلامها المكتوبتين بعناية فائقة، ووضوح لا لبس فيه، وهما سياستان جديرتان بالعناية من الجميع والتطبيق الصحيح من الجميع، خصوصاً السياسة الإعلامية التي تُعدُّ المرشد والدليل لكل وسائلنا الإعلامية المقروءة والمسموعة والمشاهدة، وأخصُّ السياسة الإعلامية هنا، لأن وسائل الإعلام السعودية مسؤولة أمام الله أولاً، ثم أمام وليّ الأمر عن تطبيقها بقوةٍ واقتدار وثقةٍ بها تجعل نقلها إلى الآخرين قوياً مؤثراً، ومسؤولة عن تحقيق ما يتبنَّاه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ووزير الداخلية وكبار المسؤولين من خطاب إسلامي واضح يفهمه الجميع، ويقتنع به الجميع، ومن لوازم هذه المسؤولية أن نرسم لوحة واضحة المعالم للأسلوب الأمثل الذي نخاطب به الآخرين سياسياً وإعلامياً وثقافياً، مع بقاء خصائص كل خطاب ومميزاته.
كأنني بخادم الحرمين يؤكد بهذا الوضوح دور كل مسؤول في هذا البلد، ومسؤولية كل عالم ومفكر ومثقف، وهي رسالة موجّهة منه في كل مناسبة إلينا جميعاً، وفيها إبراءٌ لذمّته، لأن المسؤولية في هذا الأمر أمانة عظيمة سوف يسألنا الله سبحانه وتعالى عنها جميعاً.
التقيت في بلدٍ عربي ببعض مثقفيه وجرى حديث عام عن الأدب والثقافة في العالم العربي، وفي المملكة بصفة خاصة، فقال أحدهم: التقينا قبل أسابيع بأحد مثقفي المملكة فسمعنا منه كلاماً آخر أوحى إلينا أن الثقافة في المملكة قد أصبحت ثقافةً غربية، وأن الساحة الأدبية قد اتشحت بوشاح ثقافات غربية وشرقية ليس لها علاقة بالقيمة الروحية للمملكة العربية السعودية، وها نحن الآن نستمع إلى طرح مغاير لما سمعناه من قبل.
قلت لهم: التنوّع الثقافي موجود حتى في بلدكم هذا، ولكنّ تصوير ساحتنا الثقافية بهذه الصورة التي تقولون غير صحيح ولا دقيق، ثم سألت نفسي بعد مغادرتهم: أين الخطاب الثقافي الموحّد؟
في خطابات خادم الحرمين ما يؤكد لنا أهمية هذه المسألة، وفي خطابات غيره من كبار مسؤولي الدولة، والجدير بنا أن نوحِّد الخطاب بتوحيد هدفه ومغزاه ولن يضير ذلك أبداً تنوّع الأساليب.
إشارة: