| |
استباقاً للشرور ودرءاً لسفك الدماء
|
|
تتوالى النقاط المضيئة في المسيرة الأمنية، لتنحسر في ذات الوقت مساحة الظلام والضلال، والإعلان الأخير عن المقبوض عليهم من الفئات الضالة تؤكد طبيعة تطور عمليات ملاحقة هؤلاء وتراجع أخطارهم ، ومع ذلك فلا يمكن إلا أن يتواصل هذا العمل الجسور الذي يعبر عن أداء مهني عالٍ في الجانب الأمني. وبعيداً عن الأضواء فقد تواصل هذا العمل لتكون حصيلة أقل من شهرين عدداً كبيراً من المقبوض عليهم من المنتمين لهذه التيارات، ويعكس ذلك أن الجهات الأمنية كانت تواصل أعمالها في صمت، وربما ذلك ساعد في أن يتحقق كل هذا النجاح. وتأتي هذه الإنجازات لتضاف إلى أخرى سبقتها، وقد بدا واضحاً أن مساحات النجاح تتسع، وأن التجربة التي تخوضها المملكة في هذا المجال بدأت تستأثر باهتمام دولي واضح، وقد ظهر أثر ذلك في عدة تقارير دولية تحدثت بتقدير شديد عن هذه المهنية الرفيعة في العمل الأمني، وكيف أن المملكة استطاعت خلال فترة وجيزة الحد، وإلى درجة كبيرة، من خطر الإرهاب، مستخدمة في سبيل ذلك ما يتوفر لديها من إمكانيات في الأجهزة الأمنية، ومن خلال استنفار كل الجهات ذات العلاقة بما في ذلك المؤسسات التربوية والجهات الدعوية، فضلاً عن الجهود الإعلامية التي كان لها دور فاعل أيضاً في مجمل هذه الحرب. لقد أبرز كامل هذا العمل أن الحكمة تكمن في تحديد إبعاد الخطر ومن ثم مواجهته بما يلزم من أسلحة تأخذ في الاعتبار العمل الأمني بأقسامه وتخصصاته المتعددة فضلاً عما يمكن القيام به في الساحة الاجتماعية بما فيها من مدارس وتجمعات شبابية، إلى جانب الدور الهام للأسرة ذات التأثير المباشر على أفرادها. ومن المؤكد أن هذا النجاح محفز للمزيد من النجاحات، وهو من ناحية عملية يعني تراكم التجارب، وسيكون ذلك مفيداً من جهة استخلاص الدروس، فضلاً عن تبادل هذه التجارب مع الغير، ومع البيئات المتشابهة في الكيانات الدولية المتماثلة التركيب، خصوصاً أن الإرهاب يتحرك ضمن مساحة العالم ككل، لكن في كل إقليم تنحو جرائم الإرهاب إلى التماثل في الأساليب وطرق العمل. وفي الحيثيات المتعلقة بالعمليات الأخيرة التي أسفرت عن القبض على 136 من العناصر الضالة، أنه تم العثور على مخططات جاهزة كانت تستهدف الناس والمنشآت فضلاً عن ترتيبات بشأن الانتقال إلى دول أخرى لتنفيذ عمليات إرهابية. ولعل كل ذلك يؤكد أن النجاح كما هو متحقق حالياً فإنه نجاح استباقي أيضاً، وأن هذه العمليات التي قام بها رجال الأمن ترتقي بأسلوب العمل درجات متقدمة إلى الأمام ما يعني إثراء التجربة، وأن العمل الأمني بشكل عام، يتفوق على هذه المكائد والمؤامرات، غير أن ذلك لن يحمل بأي حال إلى الركون والاكتفاء بهذه الانتصارات، فالذين حققوا هذه الخبرات يدركون قبل غيرهم أن الإرهابيين لا يفتؤون يميلون إلى ابتكار الجديد، غير أن الجانب الأمني لا يفتأ هو أيضاً يعد المفاجآت لهم. ويبقى أخيراً التأكيد على دور تقوية اللحمة بين أبناء هذه البلاد لدرء هذه الشرور إلى جانب التعاون الذي يعطي ثماره باستمرار بين المجتمع وقواه الأمنية، وأن الوصول بهذا التعاون إلى مراحل متقدمة يعني انحسار الأخطار إلى درجاتها الدنيا.
|
|
|
| |
|