| |
الجمعة 10 من ذي القعدة 1392هـ الموافق 15 على موعد
|
|
ليلة البارحة عشت حفل زواج لإحدى قريباتي، الواقع أنني لا أهتم كثيراً بحضور حفلات الزواج لأنني أكره أكثر ما يجري فيها من بروتوكولات وعادات، لكني حرصت ليلة البارحة على حضور الحفل لإثبات حقيقة هي أنه ليس بيني وبين أسرتي أي انفصام فكري، أو ذهني، أو اجتماعي، وما يجعلني أتغيب عن أكثر الحفلات العائلية هي ظروف عملي فقط، وهذه فرصة أنفي فيها اتهاماً طالماً رميت به. من خلال ليلة البارحة اتضح لي أننا نغالي كثيراً في مسألة غلاء المهور، وأتذكر أن صحافتنا ناقشت الأمر بشيء من التوسع، حتى أن بعض كتابنا إذا ما طلبت منه جريدة أن يكتب لها ولم يجد فكرة يناقشها لجأ إلى مسألة غلاء المهور، حتى تولد لدينا شعور أو حساس وهمي بفداحة المشكلة، وجسامتها، وضخامتها. الواقع أنه ليس هناك غلاء مهور بالمعني الحرفي؛ صحيح أن بعض الأسر في مجتمعنا تسرف أحياناً في الإعداد لحفل الزواج، وتسرف في أشياء هامشية يمكن الاستغناء عنها لكن صحيح أيضاً أن الحياة تغيرت كثيراً، والظروف أصبحت غير الظروف التي كنا نعيشها قبل عشرين عاماً أو أكثر فقبل سنوات كانت الزوجة تكتفي بفستان أو فستانين لحفل الزواج، بالإضافة إلى بعض الأواني والأدوات المنزلية، لكن الحال تغيرت، إذ لا بد من وجود غرفة نوم كاملة، بالإضافة إلى التلفزيون، والثلاجة، والغسالة، إلى غير ما تحتاجه العروس من أدوات الزينة، والملابس وهذه أشياء تكلف مبالغ كبيرة لكن لا بد من توفرها مع كل عروس. يتضح لي أنه ليس هناك مشكلة غلاء مهور بقدر ما المشكلة ناتجة عن تعقيد الحياة نفسها، وكثرة المستلزمات الضرورية في حياة الإنسان ففي الوقت الذي كان فيه فراش الزوجية لا يكلف أكثر من ثلاثمائة ريال، أصبح الآن يكلف أكثر من أربعة آلاف ريال، وفي الوقت الذي كنا ننام فيه على الأرض أصبحنا لا نقبل النوم إلا على سرير واسع وفخم. الشيء الذي يجب أن نعالجه هو موضوع الولائم والإسراف فيها، فليلة البارحة شاهدت أمام عيني أكثر من ستين صحناً مملوءةً بالرز واللحم، وشاهدت أكثر من ثلاثمائة مدعو وهم يجلسون على هذه الصحو، وتساءلنا: هل كل هؤلاء أو حتى نصفهم من أصدقاء ومعارف والد العروس والزوج نفسه. بصراحة حرت كثيراً في الجواب، وحتى لو كانوا من الأصدقاء والمعارف، ما هو الشيء الذي يجبر الإنسان على دعوتهم وإهدار الكثير من الأشياء المادية، ثم أَليس من الأصح والأصح أن تكون قيمة هذه الأشياء في يد الزوج ليذهب بها مع زوجته إلى أي مكان لقضاء شهر العسل وصنع شيء من التفاهم في حياة المستقبل..؟ إنها أمور لن تجدى الكتابة فيها، بقدر ما يجدى الوعي الاجتماعي. ** النهاية.. (نحن لا نزرع الشوك)..
راشد فهد الراشد
|
|
|
| |
|