| |
في الشتات
|
|
ما زلت كما أنا أعاقر الصبر شقوة الأيام الخوالي طالما سأمتها.. طالما تحملتها وكابدتها وبدوتُ وكأني ما عشت شيئاً من هذه المتاعب التي تتصدر قائمة عمري كلما أوغلت فيه. أقول قدري لا بد من مواجهته.. أقول عكس ذلك في نهاية المطاف لا أملك إلا أن أستسلم وأتوه في رحلة الشتات التي بدأتها.. لكنه المشوار لم ينتهِ.. والعذاب مستمر.. والضياع، والغربة والشتات يوغل فيَّ. ربما قطعت نصف العمر.. أجمل أيام العمر أخذت مني السنين.. لم أترك شيئاً يذكرني بي. كل ما تركته يعذبني.. ويتساقط من عيون الآخرين رباه.. إلى متى أعيش رحلتي اليائسة هذه؟! أي قدر عشته..؟ أي قدر ينتظرني؟ طالت الرحلة.. ونفد العمر.. والعذاب مستمر.. ولا أمل ثلاثون عاماً مضت من عمري.. كم تبقى من العمر؟ لا شيء معي.. غير ضياعي.. وغربتي.. ووجهي الذي لا يعرفه أحد. كل ما أملكه لا شيء.. كل ما آمله وأرجوه تبعثر معي في الشتات نسيت أنه كان لي حلم، وأنه كان لي أمل، وأنه كان لي طفولة عشتها في الأيام الخوالي البعاد.. كل ما معي لا يذكرني بشيء غير غربتي التي تاهت بي، وتهت بها. لم يعد يعرفني أحد وأعرف أحداً يعرفني. كل ما كان معي تبدد.. حتى أحلامي، حتى آمالي, حتى طفولتي.. حتى الحاضر الذي كنت أظنه يخلصني من آلامي وأوجاعي فقدته. فقدت كل شيء.. حتى طريق العودة إلى أمي التي تنتظرني هناك منذ زمن في تلك الضيعة.. الضيعة التي لم أعد أعرف عنوانها.. أو شكلها، أو لونها.. فقدت كل شيء.. كل شيء بما فيه أنا.
أحمد عبدالجليل حمود / الرياض
|
|
|
| |
|