| |
ما هكذا يكون النقد يا محمد
|
|
طالعت ما كتبه الأخ/ محمد الدبيسي في عدد الجزيرة (12459) تحت عنوان: جازان: أغنية وأسئلة للوطن.. وقد ذكر الكاتب عن الغناء والأوبريت الغنائي في جازان، ثم ذكر (الذين كَمّم المجتهدون الظانون) أفواههم حتى لا يُغنّوا! وفرّقوا سامرهم حتى لا يأتلفوا!! وزرعوا الغصّة في أحداقهم كي لا يفرحوا؟ ثم ذكر - سامحه الله - الصورة القاتمة لأعداء الفرح.. وختم مقاله بقول (كم نحن بحاجة إلى أن يعي (الظلاميون)!؟ أن مساحة الإنسان وسماحة الإسلام ومسافة الوطن أعظم وأجل من شبهات لا توجد إلا في رؤوسهم. انتهى. فأقول: سامحك الله يا أخي محمد!! من ذا الذي يمنع الناس من الفرح والسّمر المباح؟ وهل يٌعقل أنَّ مسلماً يكره لإخوانه الفرح والبهجة؟ إن من الإيمان أن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) لكن ألا يمكن أن توجد الفرحة والسمر والانبساط بغير الطرب والغناء؟ ألسنا نرى اجتماعات الناس في الأعياد والمناسبات في منازلهم واستراحاتهم ومخيماتهم وأماكن أعيادهم ويمارسون فيها ألوان الفرح والمرح والبهجة دون غناء وطرب؟! ولم يعترض لهم مَن يكدّر فرحهم أو يكمِّم أفواههم؟ ثم هل سأل الكاتبُ نفسه عن هؤلاء الذين يحذِّرون الناس في مناسباتهم وأعيادهم من اللهو والغناء والطرب المحرَّم؟ ماذا يريدون وإلى ماذا يهدفون؟ بل ما دوافعهم عندما يحاولون الحيلولة بين الناس وبين الغناء والطرب؟ إنهم يفعلون ذلك طاعةً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، إنهم يعتقدون أن معصية الله تجلب العقوبات العاجلة والآجلة، ليس لأهل المعصية فحسب بل للمجتمع كلّه، كما قال تعالى {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(25)سورة الأنفال، إنهم يستشعرون قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمَّهم بعقاب منه). وقوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر أو ليوشكنَّ اللهُ أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يٌستجاب لكم) رواه الترمذي، وقال حديث حسن. أما سماحة الإسلام فليس معناها استحلال ما حرّم الله كما في الغناء الذي قال عنه رسول الله صلى الله وسلم (ليكوننَّ من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف...) فإذا خفيت على الكاتب - سامحه الله - أدلة التحريم التي يستدل بها من يمنعون أو يُطالبون بمنع الحفلات الغنائية فلا يليق به أن يصف من يفعل ذلك بالظلاميين!؟ لا سيما وهم يستدلون بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة الكرام وفتاوى علماء أجلاء.. ووالله لو كان رأياً شخصياً أو اجتهاداً فردياً ما كان يليق أن يوصف بأنه ظلامي فضلاً عَمّن يستدل بأدلة معتبرة، ولعلي أذكر بعض الأدلة على تحريم الغناء وآلات الموسيقى، ومنها: أولاً: قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم...}(60) سورة لقمان، فماذا قيل عن (لهو الحديث)؟ 1 - قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه (والله الذي لا إله غيره إنه الغناء. ثلاثاً) أخرجه الحاكم والبيهقي وابن أبي شيبة وابن جرير. 2 - قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه (نزلت في الغناء وأشباهه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد. 3 - قال عكرمة: هو الغناء، أخرجه البخاري في التاريخ وغيره. 4 - قال مجاهد: اللهو: الطبل، أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وغيرهما. 5 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على من زعم إباحة الملاهي والغناء. (هذا من الكذب على الأئمة الأربعة فإنهم متفقون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو كالعود ونحوه). ثانياً: الأحاديث النبوية، ومنها: 1 - حديث (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرَّ والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم. 2 - حديث (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نعمة ورنّة عند مصيبة) رواه البزار بإسناد حسن. 3 - حديث (إن الله حرّم عليّ (أو حّرم) الخمر والميسر والكوبة، وكل مسكر حرام). أخرجه أبوداود والبيهقي وأحمد وابن حبّان وغيرهم، والكوبة: الطبل. 4 - حديث (سيكون في أمتي قذف ومسخ وخسف. قيل يارسول الله: ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت المعازف وكثرة القيان وشربت الخمور) أخرجه الترمذي وغيره. 5 - حديث (لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن ولا التجارة فيهن، وثمنهن حرام، وقال صلى الله عليه وسلم : إنما نزلت هذه الآية في ذلك {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ...}(6) سورة لقمان، حتى فرغ منها ثم أتبعها: والذي بعثني بالحق ما رفع رجل عقيرته بالغناء إلا بعث الله عزّ وجلّ عند ذلك شيطانين يرتقيان على عاتقيه، ثم لا يزالان يضربان بأرجلهما على صدره حتى يكون هو الذي يسكت) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير. ثالثاً: هناك فتاوى صريحة بتحريم الغناء صدرت عن علماء من السلف والخلف يستشهد بها من يعتقدون حرمة الغناء، فإذا كان هؤلاء ينقلون تلك الفتاوى ويقال عنهم (ظلاميون). فماذا يقال عمن صدرت عنهم تلك الفتاوى؟! فيا أخي الكريم: كونك تعتقد حِل الغناء والطبل والموسيقى ونحوها أو تخفى عليك أدلة التحريم، أو تستند إلى أدلةٍ وأقوالٍ ترى بإباحة الغناء فهذا أمر يخصك، والله يتولاك، أما كونك تلمز من لا يرون رأيك، وتصفهم بمكمّمي الأفواه زارعي الغصة!! وأعداء الفرح!! ونحو ذلك فأرجو أن تراجع ذلك، وتقدر لإخوانك خوفهم على المجتمع من العقوبة، وعلى الناس من الإثم، ولا تصادر موقفهم الشرعي، واللهَ أسأل أن يوفقنا وإياك للخير، وأن يهدينا صراطه المستقيم.. والسلام عليكم.
عبدالرحمن الوهيبي - الخرج |
|
|
| |
|