| |
تحديد المواقع د. موسى بن عيسى العويس / تعليم الرياض
|
|
* يقسو كثيرٌ من الناس على نفسه حين يتجاهل ذاته، وينقاد لما يسير عليه دهماء البشر، أو يريدون أن يكون عليه دون اعتبار لحاجاته، وقدراته، وإمكاناته. وفي اعتقادي أن تماهي الإنسان وذوبانه في تقليد الآخرين، أو الانصياع لمآربهم ومطامعهم دون إعمال للفكر عائق كبير لإبداعاته والتجديد في أساليب حياته، وحياة الآخرين من حوله، لأنه - والحالة هذه - يمضي في إدارة شوؤن حياته بما يريده الآخرون، وإن جانب الصواب، لا بما تمليه عليه إرادته، وحدسه، ونظرته، وسجيته، وقيمه. * استوحيت هذه الفكرة من أقوال إحدى القيادات الإدارية الناجحة، وإن خالفها في النظرة الكثير ممن أسرتهم الأنظمة البشرية، ذات الطابع القانوني الصرف. لكن حققت هذه الشخصية المرموقة في فن (القيادة) ما لم يحققه الآخرون. عند ذلك استحضرت مقولة صاحب (النظرات) حين قال: لا يحيا في هذا العالم حقيقة إلا ذلك الشاذ الغريب في شؤونه، وأطواره، وآرائه، وأعماله، وتصرفاته والذي كثيراً ما نسميه مجنونا، فإن رضينا عنه بعض الرضا سميناه فيلسوفا... هذا النمط من (القياديين) يختلف عن كثيرٍ ممن نرى حياتهم وأساليب إدارتهم تتمحور حول ما يجد صداه في عيون الناظرين، وآذان السامعين، وأفواه المتكلمين، وشذرات الراصدين.. * أتفق مع كثير ممن يرى أن هذه الأفكار طابعها فلسفي، لأنها تخالف نواميس الحياة في مختلف مجالاتها في بعض الأقطار، وقد تصطدم مع بعض المسلمات، وتدخل صاحبها في بؤر الصراع والنزاع، إلا أننا يمكن أن نسقطها على حياتنا الخاصة، ونقيّم حياتنا وحياة الآخرين من حولنا، ونبني أسلوب الإدارة على هذا النمط، ولا نبالي إذا كنا نعمل في إطار الفضيلة، والعدل، أرضي الناس عنا أم سخطوا؟ أحبونا أم أبغضونا؟.. فإنما يبكي على الحب النساء. * نعم لا قيمة لحياتنا العامة والخاصة إذا كان الإنسان سيلبس من اللباس -كما يقول الكاتب- ما يحرج صدره، ويقصم ظهره، ويشرب من الشراب ما يحرق أمعاءه، ويأكل من المأكولات ما لا يشتهي، ويصرف نفسه عما يشتهي. يضحك لما يبكي، ويبكي لما يضحك. كل ذلك في سبيل التماس ما يرضي الآخرين على حساب الذات والضمير أحيانا. أمام هذه الفلسفة في فن إدارة الذات، وقيادة الآخرين، حدد موقعك، واعرف أين تكون من هؤلاء، حتى تحافظ على نفسك من السقوط.
|
|
|
| |
|