Al Jazirah NewsPaper Wednesday  29/11/2006G Issue 12480محليــاتالاربعاء 08 ذو القعدة 1427 هـ  29 نوفمبر2006 م   العدد  12480
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

أنت
التنوير والنهضة
م.عبد المحسن بن عبد الله الماضي

التنوير كما يقول التعريف هو حالة فكرية.. ينجم عنها إضاءة ثقافية.. تقود إلى صعود قيم جديدة.. وتؤدي نتيجتها إلى حراك اجتماعي.. بينما النهضة حالة مادية اجتماعية معيشية.. لها صلة بالبنى التحتية التي يملكها المجتمع، واحتياجاته الأساسية التي توفرها حكومته، والخدمات التي يحصل عليها نتيجة نهضته.. بمعنى أن التنوير وسيلة، أما النهضة فهي نتيجة.
يُعتبر محمد علي الذي بدأ حكم مصر مع مطلع عام (1805م) هو رائد الحركة التنويرية في العالم العربي.. بينما بدأت نتائج التنوير في أوروبا مع بداية الثورة الصناعية في عام (1750م).. ورغم أن الفارق بين انطلاقة التنوير في مصر وبروز نتائجها في أوروبا لا تزيد على خمس وخمسين سنة.. إلا أن الفارق الحضاري الحالي بين أوروبا والعالم العربي قد اتسع وبشكل نجد فيه أن جل شعوب العالم العربي تطمح اليوم إلى تحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية من أمن وسكن وتعليم وصحة وغذاء.. وهي في ذلك تحتاج إلى قطع مشوار طويل لبلوغه قبل الطموح في تحقيق النهوض.
لقد كانت القاهرة ودمشق وبغداد قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها مباشرة مدناً عالمية.. تحظى بخدمات وفرت لمواطنيها ما لم يكن متاحاً لعواصم أوروبا التاريخية.. لندن وباريس وبرلين وروما.. حيث كان البريد والهاتف والإذاعة والصحف اليومية خدمات معتادة في العواصم العربية، ومنقطعة أو نادرة في العواصم الأوروبية.. والأكيد أن العواصم العربية الثلاث ومدناً عربية أخرى معها كانت بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة أكثر جاهزية من عواصم أوروبا كلها للانطلاق في العصر الحديث.. فلماذا تقدَّموا هم وتأخَّرنا نحن؟.
لعل أهم ثلاثة أسباب سيقت للإجابة عن هذا السؤال: لماذا تأخَّر العرب وتقدَّم الأوروبيون في ميدان التنوير رغم ضآلة الفارق الزمني بين بدايات التنوير في العالم العربي وفي أوروبا هي: السبب الأول فكري.. فالعرب لم يستطيعوا التحرر من قيود الماضي والاستغراق فيه.. بل إن مناهضة العلم والتجديد والتطوير كانت هي السمات الأبرز في ثقافة مجتمعاتها.. السبب الثاني هو أن عصر النهوض في أوروبا كان مرتكزاً على التحديث المجتمعي الشامل.. الصناعي والاقتصادي.. وباتفاق كافة أطراف المعادلة المجتمعية حكاماً ومحكومين.. بينما في الحالة المصرية والعربية فقد كانت رغبة شخصية وطموح حاكم واجهت رفضاً اجتماعياً، ونظر إليها المنافسون على أنها طموح سياسي فحاربوها وألّبوا العامة عليها بكل الوسائل.. أما السبب الثالث فهو أن عصر النهضة الأوروبي كان متكاملاً شاملاً لمجالات الحياة كافة سواء كانت صناعية أو ثقافية أو اقتصادية.. بينما اقتصرت في مصر على النهضة الزراعية فقط وبالذات زراعة القطن.. لذا فقد سهل انهيارها.. فلم يسبق أن تحقق نهوض بالاعتماد على عنصر واحد من عناصر تحقيقه.
كما واجه التنوير في العالم العربي في مطلع تكوينه مأزق التوقيت.. حيث كانت القومية العربية وظاهرة المدّ الراديكالي الأممي هما المتسيدتان في حقبة صعود التنوير والاستعداد للانطلاق إلى الحداثة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتكوُّن الدولة القُطْرية التي أخذت في تنظيم شؤون حياة مواطنيها.. فبتشكُّل الدولة تتشكَّل عناصر النهضة كما هو معروف.
بين مطرقة قومية الناصريين وسندان أممية اليساريين العرب سحق الاتجاه التنويري العربي في مهده.. وقوضت بعوامل سوء الإدارة حيناً وفساد الإدارة أحياناً أي إمكانية لانطلاق التحديث والنهوض ومسابقة أوروبا.
التنوير في العالم العربي واجه أيضاً مشكلة خلط مفهوم التنوير كفكر ينهض بالمجتمعات الإنسانية إلى مفهوم أنه فكر غربي يجب مواجهته والتصدي له نتيجة صعود الخطاب الشيوعي والاشتراكي المعادي للرأسمالية الغربية.. وامتداد ذلك حتى نهاية حقبة السبعينيات.. بعدها بدأ المدّ الأصولي الذي التزم بنفس الخطاب الشيوعي في معاداة الرأسمالية وحَوَّل كلمة التنوير إلى تهمة.. وجَيَّش ضدها الناس واستعدى عليها العامة.
لذلك يرى كثير من المفكرين العرب ومنهم الدكتور محمد عابد الجابري أن إدخال الفكر العربي في حالة الحداثة والتنوير لا يتم إلا عن طرق (تبيئة) قيم الحداثة والتنوير، وذلك باستخراج أحداث أو سوابق أو أصول أو إشارات أو روايات أو أي شيء من التراث العربي يُمكن الاستناد إليه وربط فكر التجديد والتحديث والتنوير به.
ختاماً أعود إلى السؤال الأول.. لماذا تقدَّم الأوروبيون وتخلَّفنا نحن في التنوير والنهضة؟.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved